13 سبتمبر 2025
تسجيلوقع الحوثيون في أزمة سياسية وعسكرية كبيرة ، بعد خطوتهم السياسية باحتلال المدن وسجن الرئيس المنتخب ورئيس الوزراء،واعتقدوا أن الطريق سالكة لهم كما يريدون،لكن جاءتهم المفاجأة الكبيرة بعد (عاصفة الحزم) ،التي تضم تحالف العديد من الدول،والذي تقوده المملكة العربية السعودية، بعد استنجاد الرئيس الشرعي لليمن /عبدربه منصور هادي بهذه الدول لمواجهة انقلاب الحوثيين وعلي عبد الله صالح، وإعادة الوضع اليمني في ظل شرعية الرئيس المنتخب، وهذا أكبر خطأ وقع فيه الحوثيون، عندما اختاروا الحلول العسكرية، وعلى طريقة تيارات العنف السياسي والانقلابات المعروفة والتي جلبت الكثير من المعاناة والمتاعب كما يعرفه الجميع،وهذا للأسف يخالف ما كان يقولونه منذ عقود، من أنهم ظُلِموا من الأنظمة العسكرية التي تعاقبت على اليمن منذ انقلاب 26 سبتمبر 1962، والذي قاده المشير / عبد الله السلال على أسرة آل حميد الدين وقيام الجمهورية اليمنية، حتى حكم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، والأغرب أن علي عبد الله صالح، حارب الحوثيين، وقاتلهم قتالا شرسا منذ منتصف التسعينيات، وقتل منهم الآلاف، ومع ذلك تحالفوا معه، بعدما تم خلعه بعد الثورة عليه في عام 2011!!. وقد ردد الكثيرون أن الحركة الحوثية، تعاني من التهميش والقمع، وكذلك شعور الجماعة الحوثية -كما قيل - بخطر القضاء عل المذهب الزيدي في اليمن، من الاختراق السلفي الكبير للمذهب في الكثير من المدن اليمنية،وأن الحوثيين يريدون رفع الظلم والتهميش عن مدنهم، وأن مناطقهم محرومة من التنمية الخ ، واعتقد البعض أن هذا الرأي يمكن قبوله، وأن من حقهم أن يتم قبولهم في العملية السياسية، وأن هذا الشاب ( المسمى آنذاك بالشباب المؤمن)، يستحق أن احتواؤه، وإتاحة الفرصة له في الحياة. لكن الغريب أن الحركة الحوثية، لم تلجأ إلى السلمية، كطريقة مدنية ودينية، وأن العنف ليس طريقا مقبولا في المطالبة بالحقوق، وأنا أحد هؤلاء الذين كنت أقول أن إتاحة الفرصة لهم في المشاركة السياسية ،هو الطريق الصحيح لإبعاد الصراع معهم، لكنني بعد ما جرى منهم، بعد الهجوم على المدن اليمنية والسيطرة عليها، لفت نظري أن هؤلاء يريدون فرض أنفسهم بالقوة، وليس من خلال الوسائل المعروفة مع كل التيارات في اليمن، إلى جانب ، وهو الأخطر، أسلوب القمع والعنف والقتل الذي استخدموه في السيطرة على المدن اليمنية، المدنية والعسكرية، وإنهاء الدولة القائمة، وسجن الرئيس بطريقة غير لائقة، وهو رئيس منتخب، إلى جانب اعتقال بعض المسؤولين البارزين، ومنهم رئيس الوزراء ، إلى جانب الممارسات السلبية في التعامل مع المعارضين لطريقتهم في ضرب الصحفيين والطلاب الذين ينتقدون طريقتهم العنيفة، وهذا يبرز أن هؤلاء لديهم مخطط عسكري قمعي خطير معد، ولا يؤمنون بالتعدد والتنوع ،وقبول الآخر المختلف، وهذا ما أزعج كل التيارات اليمنية بل وبعض الدول المجاورة.والحوثيون ـ كما يشير الكاتب محمد المهدي ـ يعدون أنفسهم صناعا لثورة الشعب اليمني الأخيرة، ويعتبرون الحروب الستة التي خاضوها مع الجيش اليمني هي بداية لثورة الشعب يكررون هذا الطرح في مواطن كثيرة .وبالتالي فهم يعتبرون الاتجاهات الأخرى والمنضمة للثورة هي تابعة لهم ويعتبرون من الذكاء السياسي أن يستخدموا الآخرين لتحقيق أهدافهم ويعتبرون سقوط صعدة في أيديهم هو من ضمن الخيارات الهامة لتحقيق هدف الثورة. وهناك طرح آخر وقد يكون أقرب للصواب نستخلصه من خلال المسارات والتحركات المشبوهة لهذه الحركة المتمردة. وهو أن الحوثيين ليسوا مع كيان الثورة وإنما يستخدمونها لتحقيق أهدافهم، ولذلك تحالفوا مع السلطة ضد المعارضة في بعض المناطق ويظهر هذا من خلال فتح السلطة المجال لهم للتمدد في مواطن كثيرة وللدخول في مواجهات قبلية بهدف إضعاف الكيان الثوري الآخر.والحقيقة أن الحوثيين كما يقول المهدي وبكل وضوح ، استطاعوا اللعب على طرفي النزاع السياسي في اليمن وحققوا نسبة كبيرة من أهدافهم من خلال هذا المكر السياسي .فالحوثيون لا يرغبون بالسلطة الموجودة لاعتبارات أهمها الحروب السابقة ولا يرغبون بالثوار لاعتبارات مذهبية وسياسية،فهم أصحاب مشروع وفي عام 1990م حدثت الوحدة اليمنية، وفُتح المجال أمام التعددية الحزبية، ومن ثَمَّ تحول اتحاد (الشباب المؤمن) إلى حزب الحق الذي يمثِّل الطائفة الزيدية في اليمن، وظهر حسين بدر الدين الحوثي -وهو ابن العالم بدر الدين الحوثي- كأحد أبرز القياديين السياسيين فيه، ودخل مجلس النواب في سنة 1993م، وكذلك في سنة 1997م تزامن مع هذه الأحداث حدوث خلاف كبير جدًّا بين بدر الدين الحوثي وبين بقية علماء الزيدية في اليمن حول فتوى مشروعية الإمامة. ***أكبر الأخطاء وأشدها التي سارت فيها الحركة الحوثية ، هو تحالفها مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ،الذي شجعهم ليدخلوا لليمن بالفرض والقسر والإرغام واحتلال المدن، ربما لينتقم من البعض، أو ربما يمهّد لعودته للحكم أو لابنه أحمد !! وهذا يعد تجاوزا كبيرا للواقع وللقانون والأعراف المتبعة، مع أن صالح تنازل بخط يديه، بعد المبادرة الخليجية التي تلت الثورة عليه في 2011! فاليمن الآن يحتاج إلى الوئام والسلام، وليس الفرض والقسر والإقصاء، وكان بإمكانهم أن يدخلوا الحياة السياسية السلمية لو كانوا حكَّموا العقل والمنطق، ولن يستطيعوا هم ،ولا غيرهم أن يفرضوا على الشعب اليمني ما يريدونه من أجندات، حتى ولو كانوا فصيلاً مهما له مكانته واعتباره.. لكن استخدمهم علي صالح كيافطة لاحتلال المدن والاستيلاء على السلاح،و الهجوم على المنشآت وسجن المعارضين وسجن الرئيس ورئيس الوزراء،تمهيدا لحكم اليمن بالقوة، وهذه الوسيلة التي ساروا إليها، تحمل سبب فشلها معها،لأنهم اتخذوا الفرض والقسر والسيطرة منهجا وأسلوبا ،ولم يدركوا أن هذا العصر اختلف، ولم تعد وسائلهم مقبولة، وإذا كان لهم طموح للعمل والسياسي والحكم، كان بإمكانهم عودة حزب (الحق) الذي أسسه حسين بدر الدين الحوثي في بداية التسعينيات من القرن الماضي، ولا حل إلا بالوسائل السلمية والشرعية،وليس هناك حل بغير ذلك.!