17 سبتمبر 2025

تسجيل

إسرائيل بين أزمة القرم والانقلاب العسكري في مصر

19 أبريل 2014

رغم بعد المسافات الجغرافية بين جزيرة القرم التي استولت عليها روسيا مؤخرا وبين مصر التي أعاد العسكر الاستيلاء عليها بعد الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي، إلا أن هناك روابط إستراتيجية تربط بين أزمتي البلدين، وذلك لطبيعة النظام الدولي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة والقوى الغربية المتحالفة معها والتي قامت بالتخطيط والتنفيذ للانقلاب في مصر، في مواجهة روسيا التي قامت بالاستيلاء على القرم في إطار صراعها مع الغرب.أما بخصوص إسرائيل، فهي الرابط الاستراتيجي الثاني بين أزمتي البلدين، فهي تعتبر أن ما يحدث في القرم يؤثر على بيئتها الإستراتيجية التي مكنتها من تحقيق قفزات مهمة خلال السنوات الماضية. ذلك أن الصراع الناشب بين الغرب وروسيا حول جزيرة القرم سيؤدي إلى تزايد المخاطر الإستراتيجية ضدها.فمثلا، ترى دوائر صناعة القرار في إسرائيل أن التعاون الذي نشأ بين روسيا والغرب عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، مكنها من تحجيم المخاطر الإستراتيجية سواء فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني ومحاولات إيران لتكون اللاعب الإقليمي الأول في مواجهة إسرائيل، وكذلك الأمر فيما يتعلق بحركات الإسلام السياسي التي تم تصنيف أغلبها كمنظمات إرهابية بفعل هذا التعاون.وسيترتب على توقف هذا التعاون وتحوله إلى صراع، فقدان هذه الميزات الإستراتيجية، حيث ستسمح روسيا لإيران بالحصول على شروط أفضل في تحولها إلى دولة نووية بدلا من الوضع الحالي حيث هي دولة تمتلك فقط التكنولوجيا النووية. كذلك الأمر فيما يتعلق بالحركات الإسلامية التي ستجد حاضنا لها في روسيا لمواجهة الغرب، خاصة في ظل الصراع الذي اشتد بعد اندلاع ثورات الربيع العربي والتي أوصلت الإسلاميين إلى الحكم في عدد من الدول المهمة مثل ليبيا ومصر التي وقع فيها الانقلاب العسكري.لذلك تجد إسرائيل نفسها في حالة دفاع مستميت عن هذا الانقلاب، لأنه آخر الحصون القوية التي يمكن أن تعتمد عليها في مواجهة انهيار بيئتها الإستراتيجية التي وفرت لها ميزات كبيرة في الماضي.وهذا ما يفسر أسباب الدعم غير المحدود من قبل إسرائيل للانقلابيين، سواء من خلال الضغوط التي تمارسها على واشنطن والغرب لمنع تطبيق أي عقوبات حتى لو كانت محدودة بحجة الدفاع عن حقوق الإنسان التي ينتهكها الانقلاب، أو من خلال السعي للحصول على مساعدات اقتصادية وعسكرية غربية وخليجية لنظام الانقلابيين لمنع انهياره بفعل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعيشها مصر بسبب التحركات الاحتجاجية لمناهضي الانقلاب خلال التسعة أشهر الأخيرة.وربما يكون هذا أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت الدول الغربية إلى الكشف عن دورها الخفي في مساندة الانقلاب في الأيام الأخيرة، والذي تمثل في دعوة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للتحقيق في مدى تورط جماعة الإخوان المسلمين في دعم الإرهاب، أو في زيارة مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون وإعلانها دعما صريحا لترشح قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية.لكن يبقى أن كل هذه التحركات الخارجية يتوقف نجاحها على مدى قوة وصمود أحرار الشعب المصري الرافضين للعودة إلى حكم العسكر وكلاء الخارج مرة أخرى. وهو ما تأكد طوال الشهور الماضية.