12 سبتمبر 2025

تسجيل

والبادئ أظلم

19 أبريل 2012

لا أدري ما إذا كانت دول الخليج العربي الست ( قطر والسعودية والإمارات والكويت والبحرين وعمان ) تدرك مدى خطورة التحركات الإيرانية في المنطقة أم لا ؟ تلك التحركات التي باتت تشكل - بما لا يدع مجالاً للشك - مصدر قلق وتوتر للمنطقة وللعالم العربي والإسلامي بأسره نتيجة تحركاتها الداعمة للنظام السوري وتأييدها المطلق له بل ومساعدته في قتل شعب سوريا أو تحركاتها الأخرى التي تقصد من ورائها تشتيت الانتباه والتغطية على جرائم بشار "الجزار" بزيارات مسؤوليها للجزر الإماراتية المحتلة ولسان حالها يقول: (هذا الخليج لي ..وسأفرض تسميتي له بـ"الخليج الفارسي" وسأفرض هيمنتي عليه كذلك قريباً عندما أزرع خلايا التمرد والولاء لي بين شعوب المنطقة).. مستغلة حالة عدم الاستقرار السياسي نتيجة للثورات العربية واستتارها بشعارات المساواة والحرية والعدالة والمواطنة وغيرها من كلمات الحق التي يراد بها "باطل". وقد استثنيت العراق واليمن في هذا الشأن لأن اليمن مشغول بثورته على الظلم والطغيان على الرغم من اكتوائه بنار تلك التحركات الإيرانية كذلك عندما أيّدت الحوثيين وجعلتهم شوكة في خاصرة اليمن والسعودية حتى يصبحوا ذيولاً لها في جنوب الجزيرة العربية وخنجراً مسموماً في هناك بينما تتحرك قواتها شمالاً في العراق وسوريا ولبنان، لتشكّل خنجراً مسموماً آخر في الشمال من أرض الجزيرة العربية، ولهذا فإني استثنيت العراق لكونه أصبح مرتعاً ومسرحاً للعرائس التي تحرّكها قيادات إيرانية وفق أيدلوجيتها المعروفة والتي تعمل على تصفية الآخر.. والآخر هو نحن "العالم العربي والإسلامي". نحن اليوم نطالب بوقفات جادّة وفعّالة لمقاومة هذه التحرّكات الإيرانية الخطيرة ولمحاسبتها على تأييدها وتعاونها مع الكيان "الصهيوني" أقصد السوري المجرم الذي لا يمرّ يوم منذ اندلاع الثورة السورية المباركة إلا ومعدل القتلى فيه في تزايد مستمر، فهم مشتركون معه في الجريمة الكبرى التي ينفذونها بكل احتراف ومهارة وخبرة في التصفية والإبادة الجماعية. ليس المطلوب من تلك الدول أن تجتمع فتستنكر وتشجب ولا حتى أن تقاطع إيران اقتصادياً مع اقتناعنا بأهمية المقاطعة للبضائع الإيرانية التي ستسبب بلاشك خسائر فادحة تتكبدها الحكومة الإيرانية إذا ما اجتمعت دول الخليج العربية الست على موقف واحد وقاطعت إيران حتى تكف عن عدوانها المستمر وتأييدها الدائم للنظام السوري أو العراقي الحاقد على أهل السنة في هذين البلدين وفي بقاع أخرى من العالم الإسلامي، لا يكفي أن نكتفي بالمقاطعة الاقتصادية – مع أني أشكك في جديّة الدول الست مجتمعة في تلك الرغبة – بل المطلوب هو أن نصعّد هذه الاعتراضات على المستوى السياسي وأن نبدأ بفتح العديد من "الملفات" التي سكتت عنها دول الخليج العربية وبقية الدول الإسلامية من باب "والبادئ أظلم"، فما كان مسكوتاً عنه بالأمس لا يجب أن يظل مسكوتاً عنه اليوم بعد كل تلك المتغيّرات، فلابد من فتح ملفات حقوق الإنسان والأقليات السنية في إيران والمجازر والانتهاكات والإعدامات التي ترتكب في حقهم، ناهيك عن مسلسل مضايقتهم في كل شؤون عبادتهم وعقيدتهم الصحيحة وبالأخص قضية "العرب الأهواز" الذين يجب أن ندعمهم ونطالب بحقوقهم كما طالبنا بحرية الشعب السوري في تقرير مصيره، فإن ملف العرب الأهواز يجب أن يصعّد إلى مجلس الأمن وأن نجعلها قضيتنا القادمة في الخليج لكي ننصر إخواننا المظلومين دون النظر إلى هرطقة البعض بأن تلك شؤون داخلية للدول، فإن كان الأمر كذلك لماذا إذن أيّدنا الشعب التونسي والمصري والليبي واليمني والسوري في قضاياهم ونسينا حقوق هؤلاء المستضعفين في إيران، وإن كانت شؤوناً داخلية فلماذا تتدخل إيران أصلاً في سوريا وتساهم في قتل شعب سوريا، كما أن على دول المنطقة أن تساهم وأن تحاسب إيران على برنامجها النووي وأن تتدخل في لجان التفتيش وأن تشارك مع الدول الأجنبية أو تشكّل لجانها الخاصة بها لمعرفة حقيقة هذا البرنامج في الدولة "الجارة" والتي ينبغي عليها أن تحترم "حقوق الجيران"، فمن المعيب أن تهتم لشأن البرنامج النووي الإيراني كل دول العالم بينما دول الخليج العربية لا تتحرك بالشكل المطلوب في هذا المجال فهم الأولى بالتفتيش والاطمئنان من غيرهم، كما أن هناك ملفات أخرى "ثقافية وإعلامية" يجب أن تفتح وأن تتوحد فيها مواقف دول الخليج الست لإيقاف إيران عن ذلك التمرّد الذي جعلها تهدد دوماً بإغلاق مضيق هرمز وغيرها من الاستفزازات المثيرة للغضب فعلاً، فهل سنشهد تلك الوقفة الجماعية أم أننا مقبلون على انقسامات ونزاعات تؤدي إلى ضياعنا وإلى المزيد من السيطرة الإيرانية على الخليج.