12 سبتمبر 2025
تسجيلإن التطور في معناه الصحيح وتفسيره الجلي، هو النهوض بالمجتمع ليمكنه من اللحاق بركب الازدهار، حيث التاريخ والخلود في كتابه، أو أنها الهمة في أن يتوثب من مرحلة إلى مرحلة، ومن زمن إلى آخر. فكيف لو كان التطور يتعلق بشكل مباشر في منظومة التعليم، والعملية التعليمية، كيف ستكون الرؤية التي قد تتجلى في الأفق، كأصفى ما تكون لنا " قطر المستقبل ". ولأنها تعتبر مرحلة انتقالية حساسة، فكان لابد من تذليل الصعاب، والمضي إليها بجرأة أكثر، بعزيمة أكبر، وبأفكار تناسب سرعة الزمن، ومتطلبات العصر الحديث. فكان أن ظهرت لنا بادرة " الحقيبة الالكترونية " المشروع الذي أطلقه المجلس الأعلى للتعليم، وهو التعليم الالكتروني الذي قد يساعد الطالب في تحميل كافة المناهج التعليمية والواجبات المنزلية والتفاعل والتواصل المستمر بين الطالب والمعلم والمدرسة، من خلال الأجهزة اللوحية الحديثة، التي تتميز بسهولة الاستخدام نظرًا لتطور نظم تشغيلها، وقدرتها على حفظ البيانات. ولأننا نود لأبنائنا بلوغ قمة العلم والمعرفة، فكان التفاعل جميل مع الفكرة، لولا أن الوجل كان سيد الموقف في النهاية. نحن لا ننكر أننا في مجتمع ابتعد عن القراءة، حتى أصبح الكتاب مهجورًا إلا من القلة، وحزين أننا أمة " اقرأ " ولكننا في الحقيقة لا نقرأ إلا فيما يسمى الوجبات الخفيفة كالصحف والمجلات. ولعلي حقيقة لا أعلم أين يكمن الخلل في ضعف القراءة، بينما تتفوق علينا قراءة الغرب، لنجد الكتاب مقبوض عليه بالقلوب في المحطات والمطارات وحتى في المقاهي، أو لعلها المناهج التعليمية التي أضعفت ملكة القراءة في مجتمعنا، لتقوّي مناهجهم هذه المَلكة، بالممارسة والتشديد عليها. فإذا كانت طرق التعليم لدينا أضعفت الكتاب أن يُقرأ، فهل من المحتمل أن تُضعف الحقيبة الالكترونية الكتابة أيضًا.. أعني، لو أن الواجبات المدرسية انصبت كلها في الجهاز، كيف ستكون الممارسة على الكتابة بالقلم، وهو المنهج بالغ الأهمية من مناهج التعليم ألا وهو " النسخ " خاصة في السنوات الأولى من الحياة الدراسية، النسخ الذي يعمل بصورة جبارة على تطوير الخط، وحفظ الحروف برسمها الصحيح، وترسيخ المعلومة أيضًا، إذ يقول الله تعالى في محكم التنزيل " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها " إذًاً النسخ له عظيم الفائدة التي لا نود أن تُلغيها الواجبات الالكترونية مطلقًا.. ولأننا نعاني من جيل لا يقرأ، لا نريد أن تتكرر المعاناة بجيل لا يكتب أيضًا، فذلك بحد ذاته مصيبة لن يُدركها إلا جيل يأتي بعدنا. لعلنا مع كل فكرة خلاقة مبتكرة، لا تُلغي فوائد الطرق القديمة التقليدية التي قامت عليها الأجيال التي مضت في زمن ازدهر فيه العلم والمعرفة بصورة مثيل لها، كالازدهار الذي حدث في العصر الأندلسي. إننا ننشد التكنولوجيا لمسايرة العصر الحديث، من دون أدنى تهميش للكتاب، أو إلغاء للقلم، نريد الاستزادة في المعرفة حتى يتشكل لدينا مجتمع يحوي النخبة وشريحة عظيمة من المثقفين ورواد العلم، حتى ننهض حيث السماء، نختار موقعًا بين النجوم، ونضيء بالنور والمعارف أن " هنا قطر ".