30 أكتوبر 2025

تسجيل

حرب استنزاف طائفية عراقية قذرة

19 فبراير 2015

الجرائم الطائفية الشنيعة الدائرة في العراق منذ أكثر من عقد ونيف من السنين من قتل على الهوية، واستهداف متبادل لمكونات الشعب العراقي، ومن تشريد وتشتت وفوضى بعد انهيار الدولة الوطنية الجامعة المانعة، وتشكل إمارات الطوائف والتخلف والنهب والعدمية وانحدار مستوى الطبقة السياسية الحاكمة للحضيض، وتسيد الفساد وتحويله للعراق كواحدة من أكبر الدول الفاشلة في المنطقة، ومن ثَمَّ الانتشار الأميبي المرعب للميليشيات والعصابات الطائفية التي ألغت الدولة وداست على هيبتها وحطمت أسسها ومعانيها، جميعها صفات وخصال لحالة تشرذم عراقية غير مسبوقة في التاريخ العراقي والعربي المعاصر. لقد زرعت أسس الخراب العراقي العظيم، وقامت دولة الميليشيات التي طوت تحت جناحها المرعب كل مؤسسات الدولة العراقية التي تحولت لأطلال وهشيم بعد أن تراجعت النخب السياسية عن أداء واجبها الوطني والأخلاقي وبرزت التكتلات الطائفية والجماعات الطائفية التي تعتاش على العنف وكل رصيدها الفكري والمعرفي والسياسي يتمحور حول شعارات الثأر الطائفية التي أوردت العراق مورد الهلاك! في العراق اليوم وبعد الأداء الباهت لحكومة حيدر العبادي التي رفعت شعارات إصلاح وطنية كبرى لتعويض سنوات الجدب والقحط والفشل المالكية، لا صوت يعلو على صوت الطائفية الرثة التي أضحت هي المتحكمة للأسف في أداء الشارع السياسي، فبعد الاغتيال الإجرامي البشع قبل أيام لشيخ الجنابيين الشيخ قاسم الجنابي وولده وحمايته في وسط بغداد وعلى يد العصابات الطائفية وتحديدا جماعة (بدر) التي يقودها القيادي الحرس والنائب الحالي والوزير السابق هادي العامري، والتي كان واضحا ووفقا لأدلة ميدانية شاخصة بأن عناصرها هم من نفذوا تلك الجريمة الطائفية البشعة، توتر الوضع السياسي والطائفي وهدد تحالف القوى الوطنية بالانسحاب من العملية السياسية في ظل خلافات ونزاعات قوية داخل التحالف الديني جعلته يعيش في حالة مفككة وغير قادر على بلورة موقف نهائي من الأحداث، لقد وعدت الحكومة بالتحقيق ولكنها تعلم والجميع يعلم أنها غير قادرة على محاسبة الميليشيات، خصوصا ميليشيا بدر والتي يقود وزيرها في الداخلية محمد سالم الغبان كل حلقات وتفاصيل العملية الأمنية في العراق، أي بعبارة أخرى فإن (حاميها حراميها)!!، كما أن أمين عام حركة بدر هادي العامري الذي تحول لجنرال يقود العمليات العسكرية بدون صفة رسمية بات أقوى من الحكومة ذاتها بعد أن تحول لمركز قوى عتيد، بل إن أهل السنة في العراق يصفونه علنا بكونه (رجل الموت)، فهو بسبب ارتباطاته الإيرانية وانضوائه تحت راية (فيلق القدس) للحرس الثوري وعمله تحت إمرة الجنرال الإيراني قاسم سليماني أضحت سلطاته الميدانية أقوى من سلطات رئيس الحكومة ذاتها، وتجاوز على صلاحيات وزير الدفاع العراقي الذي غاب تماما عن المشهد العسكري الساخن وتحول حقيقة لشاهد زور في مشهد عسكري بائس وفي ظل آفاق مسدودة وانهيار حقيقي على كافة المستويات، خصوصا وأن عملية تحرير الموصل رغم الكلام الكثير عنها لا ينتظر أبداً أن تتم في هذه الظروف التي تشهد تشابكات على كافة المستويات، فالجانب الكردي بدوره رفض بالكامل دخول الميليشيات الشيعية لكركوك وهدد بمواجهتها عسكريا مما اضطرها للانسحاب السريع مع إطلاق تهديدات مماثلة من زعيم عصابة العصائب (قيس الخزعلي) ضد قوات البيشمركة الكردية، كل الأصابع في العراق على الزناد مؤذنة بافتتاح بازار الفوضى العراقية الشاملة والاغتيالات القادمة التي ستطال قيادات مهمة من كلا الجانبين.