11 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); هل نحن كإسلاميين فلسطينيين بحاجة إلى المراجعات؟ وهل حركة حماس بعد سنوات الحكم التي قاربت على الثماني مطلوب منها كشف حساب يتم بناء عليه التأكيد على وجود ضرورة للمراجعة أو نفي الحاجة إليها.. كل المؤشرات واقتراحات النخبة الفلسطينية تلفت عناية الحركة إلى أهمية إجراء المراجعة؛ لأن متغيرات كثيرة سياسية ومجتمعية ومعيشية وأمنية طرأت منذ تسلم حركة حماس زمام الأمور، وتصدرها لمشهد الحكم والسياسة في يناير 2006م. وإذا سلمنا بذلك، فمن أين تبدأ المراجعات؟ سؤال يتوجب علينا الإجابة عليه، حيث إن هناك خمسة ملفات بانتظار أن نضعها على أجندة مفكري الحركة وقياداتها السياسية والميدانية ليقدموا – بعد المراجعات – معالم الرؤية حول المطلوب لتعزيز أو تعديل المسار، وهذه الملفات بتساؤلاتها المطروحة هي كالتالي: أولاً) المقاومة إلى أين؟ثانياً) تجربة الحكم، أين أصبنا.. وأين أخطأنا؟ثالثاً) المشروع الوطني في بعده السياسي، إلى أين؟رابعاً) موقع حماس من المرجعية الفلسطينية، هل هي جزء من منظمة التحرير أم فصيل يغرد خارجها؟رابعاً) إعادة بناء تحالفات الحركة بالمنطقة؛ كيف يمكننا استعادة التواصل مع عمقنا العربي والإسلامي؟خامساً) أين نحن من المصالحة الوطنية؟إن مدارسة هذه الملفات الخمسة سوف تمنحنا خارطة طريق واضحة المعالم للسنوات القادمة، من حيث الأولويات والرؤية الإستراتيجية، لاستعادة وحدة الفهم والموقف داخل الحركة، وإيضاح طبيعة التفاهمات والشراكة السياسية مع الآخرين.إن المراجعات هي سياسة حكيمة تلجأ لها الحكومات كما الحركات، وهي وسيلة للتصويب الذاتي، وقد سبقتنا خلال السنوات العشر الماضية الكثير من الحركات الإسلامية في إجراء تلك المراجعات، ونجحت في تصحيح أوضاعها لتنضبط مع واقع المتغيرات وشكل المستجدات والتوازنات الحاصلة. المراجعات: نبذة تاريخيةفي مطلع الثمانينيات تأسس المعهد العالمي للفكر الإسلامي (IIIT)؛ وهو مؤسسة فكرية علمية تعمل في ميدان الإصلاح الفكري والمعرفي، وتتعامل مع مصادر التراث الإسلامي والمعرفة الإنسانية المعاصرة؛ لبلورة تيار فكري إسلامي متميز، يمهّد لاستعادة قدرة الأمة على العطاء الحضاري، وتوجيه التقدم الإنساني. ويقوم على إدارة المعهد عددٌ من المفكرين الإسلاميين الذين تعود أصولهم العربية إلى العراق والسعودية والأردن وفلسطين، ولهم شبكة اتصالات واسعة مع قيادات الحركة الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي.وفي منتصف التسعينيات، بدأ الإخوة في المعهد، الدكاترة: جمال البرزنجي وهشام الطالب وعبد الحميد أبو سليمان والشيخ طه جابر العلواني وفتحي الملكاوي، باعتبارهم قيادات إسلامية في أمريكا إدارة العديد من النقاشات وجلسات الحوار والعصف الذهني (Brain Storming) الداخلي بين الإسلاميين، وطرح الكثير من التساؤلات والإشكاليات الفكرية بين شباب الإخوان المسلمين في أمريكا، والتي كنا ننظر إليها بدرجات عالية من القلق والتوجس على أساس أنها تمثل تجاوزات ودخول على خط المُحرَّمات أو المحظور من الحمى، لأنها – من وجهة نظرنا آنذاك – كانت تمس بطهارة ما نعتقده من أفكار، وتبعث على التشكيك بنهج الحركة التي تمثل جماعة المسلمين؛ أي الفرقة الناجية، وتهز قناعاتنا الراسخة بفكرها ذي الصبغة الربانية والذي لا يأتيه الباطل.ومع مرور الوقت، كثرت اجتهادات الإخوة القائمين على المعهد، وزاد نشاطهم من خلال دعم الكفاءات الإخوانية التي ترى في مراجعاتهم محاولة للتنوير الإسلامي، حيث أسهموا في دعم الإصدارات الفكرية التي تعمل على تحريك العقل المسلم، مثل مجلة "المسلم المعاصر"، ودورية "إسلامية المعرفة"، وشجعوا الكثير من طلبة الدراسات العليا في الجامعات الغربية والعربية على الاهتمام بتقديم أطروحات علمية تخدم مسار المراجعات وحركة الوعي والتنوير التي يتطلعون إليها، ولقد نجحوا – خلال عقد من الزمان - في تأسيس مدرسة فكرية جمعت الكثير من أساتذة الفكر الإسلامي في بلاد المشرق ودول المغرب العربي.اليوم، وأنا أسترجع الذاكرة لتلك المرحلة التاريخية، أشعر بأننا قد ظلمنا إخواننا الذين حاولوا مبكرين إيجاد تيار إسلامي متفتح يتمتع بذهنية حركية واعية، ومُحصَّن بفكر يستوعب مقاصد الشريعة وفقه المآلات، ويتفهم طبيعته الرسالية ودوره باعتباره "رحمة للعالمين".. لقد حاول د. عمر عَبيد حسنة؛ سوري الجنسية، وهو أحد المفكرين الإسلاميين الذين حملوا رسالة المعهد، وكان من أول الذين تناولوا موضوع الحركة الإسلامية، وطالب بضرورة إعادة النظر في العديد من المسائل الفكرية والدعوية والحركية في كتابه الشهير: "مراجعات في الفكر والدعوة والحركة" والذي أشار فيه لأهم مظاهر إصابات العمل الإسلامي، والتي عدّد منها: سيادة العقلية الذرائعية، وشيوع الفكر التبريري، وعجز الحركات عن تمثل المعاني المفقودة في الأمة، وحرمان أبنائها من ممارسة الحرية، وسيطرة الشخصية وتضييق نطاق الحرية بين الإطار التنظيمي، وانقلاب الوسائل إلى غايات، ومساهمة بعضها - بقصد أو من دون قصد - في بعثرة وتفرق المسلمين، والقضاء على مفهوم الأخوة الشامل، وعدم القدرة على ضرب أروع الأمثلة في الولاء للفكرة، وتحكم فكر المواجهة، وعدم تقدير قيمة التخصص، والضيق بالرأي الآخر، والعجز عن استنبات قيادات متجددة، وعدم القدرة على إظهار شخصيات فكرية كافية، والانشغال بحماية المرأة عن الانشغال بتنمية شخصيتها، وعدم الإفادة من الفرص المتاحة، والنظرة الساخرة للآخرين، والتمترس حول ما يسمى بالحق المطلق والصواب المحض، وتحكم العقلية الحزبية التعصبية الذميمة.. وبعد تعديده للمظاهر والصور السالفة الذكر وغيرها، اعتبر من أخطر الإصابات، انقلاب عددٍ من الجماعات الإسلامية إلى طوائف منفصلة عن جسم الأمة، وأهدافها وشعورها بتميزها، واستعلائها، وكأنها الناطق الرسمي باسم الإسلام، والممثل الشرعي والوحيد له، الأمر الذي جعلها تحيد عن مهمتها الأساسية في الدعوة والهداية والإرشاد إلى نطاق استعداء المخالفين وعدهم في صفوف المجرمين والحكم عليهم بالضلالة وعدم التفاعل معهم، والحرمان من الإفادة من خبراتهم.