17 ديسمبر 2025

تسجيل

فضائح عسكر الماضي في مصر

19 فبراير 2014

للمؤسسة العسكرية المصرية التي هيمنت على الحياة العامة في مصر بعد 23 يوليو 1952، ملفات واسعة ومتضخمة جدا في مسلسل الفضائح التي عاشتها مصر طيلة سبعة عقود من عمرها، وهي الفضائح التي ظهرت وتناسلت وفاحت أخبارها بعد هزيمة 5 يونيو 1967 والتي أدت فيما أدت لانهيار أصنام السلطة العسكرية وبروز الانشقاق والتصفية بين صفوف الضباط الذين صادروا مصر وخيراتها وفرضوا الاستبداد والقمع على شعبها، وهشموا كل إمكانات الدولة المصرية الحديثة، وقد صدرت خلال نصف القرن المنصرم مذكرات العديد من السياسيين والضباط الذين شاركوا في صناعة أحداث تلك المرحلة القلقة من تاريخ مصر والتي للأسف ما زالت مستمرة بمقاييس محددة، كما نزلت ستائر من الصمت على بعض الذين كانوا بارزين في تلكم المراحل وكان أبرزهم أحد رجال المشير عامر والمرشح الرئاسي لرئاسة مصر بعد الهزيمة وسيناريو تنحي عبد الناصر وأحد رجال التعذيب الشرسين ضد جماعة الإخوان المسلمين وحتى الشيوعيين وهو وزير حربية الهزيمة العقيد (شمس بدران) الذي كاد أن يكون رئيسا لمصر لولا تغيير عبد الناصر لرأيه في اللحظات الأخيرة لخطاب التنحي الشكلي في 9 يونيو 1967 طبقا لإتفاق سابق مع المشير عامر وحيث استبدله بزكريا محيي الدين! وشمس بدران الذي أعتقل وسجن بعد عام 1967 ثم خرج لاحقا ليعيش في لندن صامتا وملتفا حول أسرار السلطة المهزومة وخباياها حتى قرر التحدث أخيرا وحيث سينشر كما قال أسرارا خطيرة سكت عنها لأكثر من أربعة عقود حول قادة انقلاب 23 يوليو وسيكشف كما وعد أسرارا مثيرة لا ندري حقيقتها ومصداقيتها في ظل رحيل واختفاء جميع الأطراف الذين يتحدث عنهم بدءا من جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وصلاح نصر وأنور السادات.. والعديد العديد من قادة تلكم المرحلة باستثناء محمد حسنين هيكل الذي أشتهر هو الآخر بتوزيع رواياته وقصصه ومغامراته دون حسيب ولا رقيب ولا مساءلة أو محطة توقف أو استفهام من أي طرف! فجميع الشهود قد غادرونا للعالم الآخر؟. شمس بدران لمن لا يعرفه هو أحد الضباط الشباب المصريين من خريجي دفعة عام 1948 من الكلية الحربية التي التفت حول قائد الجيش وقتذاك المشير عبد الحكيم عامر وشكلوا (شلة المشير) وهي (شلة الأنس والفرفشة) الشهيرة التي هيمنت على إدارة المعتقلات الحربية والسجون الاستخبارية، والمصانع المدنية، وتوزيع سيارات نصر!، وحتى على دوري كرة القدم، دون تجاهل ملفات الفنانات المصريات وما حصل من ملفات مخابراتية بشأنهن في تلك المرحلة!! وهو ملف مثير من ملفات المخابرات المصرية وانحرافها ومحاكمة قياداتها بعد الهزيمة خصوصا تلك المرتبطة بحفلات صلاح نصر للسمو الروحاني والتي أكدها هيكل ذاته! وإغلاق ملفاتها إعلاميا وإسدال الستار على فضائحها، شمس بدران وهو يفتح تلكم الملفات بعد أن امتد به العمر وعاش طويلا بعد سنوات الغليان الرهيبة، والمثير إن شمس بدران وقد لعب دورا رهيبا في عمليات التعذيب المنهجي والوحشي ضد جماعة الإخوان المسلمين والتي كان يمارسها بنفسه!! لا يبدو نادما أبدا على فعلته المخزية تلك بل مفتخرا بها ومتعهدا بتكرارها لو رجع الزمان للخلف!! وهو إصرار فظيع وغير طبيعي على ركوب قطار الإرهاب والجريمة السلطوية وإمعان في تأصيل سياسة وعقلية العنف والكراهية والعودة لأحقاد الماضي وسياستها العجفاء والذي أورث مصر الهزائم والتراجع في مختلف المجالات. ولكن مالذي دفع شمس بدران للعودة الإعلامية من جديد والتخلي عن جدران الصمت ومغادرة حالة الانعزال الطويلة عن الخوض في ملفات الأحداث القلقة والرهيبة التي عصفت بمصر وشعبها؟ ومن يضمن أن رواياته لتاريخ انقلاب العسكر لعام 1952 وما تلاه ستكون أمينة وحقيقية وصادقة في غياب الشهود الرئيسيين؟