18 سبتمبر 2025

تسجيل

صيانة الروح

19 فبراير 2012

ما احوجنا فى هذه الايام الى الابتعاد عن الدنيا ولو لايام قليلة نعيش فيها مع الله، نبتعد عن المادية ونعيش مع الروحانيات، نبعد عن المال والاولاد والسيارة والتكنولوجيا وصخب الحياة، نتجرد من كل ما هو مادى الى ما هو روحى، ما اجمل ان نتفكر فى ملكوت الله ونتفكر في الاخرة قليلا فى ظل كل متع الحياة، وان نعيش اياما نستمتع بالهدوء النفسى، بالسلام النفسى، بالنقاء، بمتعة التجرد، وهذا ما اشعر به عندما اذهب لاداء عمرة سريعة لاربعة ايام او ثلاثة عندها اشعر حقا باننى اريد ان ارمى الدنيا بكل ما فيها وراء ظهرى بكل ما فيها من متاعب ومعاص وماديات، اعزل نفسى عن العالم، عن الاخبار، عما يجرى فى الدنيا من مستجدات. واتفكر فيما يدور حولى فى هذا المكان المقدس بيت الله الحرام انظر حولى ارى كل الجنسيات، كل اللغات من كل انحاء العالم، جاءوا جميعا من اجل هدف واحد؛ التجرد من الدنيا، لافرق بين غني وفقير، بين ابيض واسود، بين افريقى او اسيوى، الكل عند الله سواء، الكل يبحث عن غاية القبول، قبول الله لعمله لا يبغى غير وجه الله سبحانه وتعالى، وقتها نتذكر اليوم الاخر ونتذكر انه العدل المطلق لانه اليوم الذى ترد فيه الحقوق الى اهلها ويقتص فيه من الظالم للمظلوم، ومن الحاكم للمحكوم، ومن القوي للضعيف، يوم ليس فيه رشوة ولا واسطة ولا شفاعة لظالم ولا ملك لأحد الا لله تعالى، يوم تدنو فيه الشمس من الرؤوس، ويبلغ العرق فيه عند بعض العباد الى الاذان وينسى فيه الخليل خليله ويفر فيه الحبيب من حبيبه "يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه"، يوم تخشع فيه الاصوات فلا تسمع منها الا همسا، وعندما نتأمل اسماء يوم القيامة ونتامل معانيها ترتجف قلوبنا لمجرد الاسماء فما بالنا بالاهوال. فمن اسمائه يوم الحاقة الذى يحق فيه الحق لانه لا شك فيه، ويوم القارعة التى تقرع الخلائق بأهوالها وافزاعها، ويوم الجمع الذى يجمع فيه الاولون والاخرون، ويوم الفصل الذى يفصل فيه بين الخلائق، ويوم الحساب الذى يحاسب فيه كل احد بما كسب وعمل، ويوم التلاق الذى الذى يلتقي فيه اهل السماء بأهل الارض، ويلتقى فيه الظالم بالمظلوم، ويوم الحسرة يوم يتحسر الجميع مؤمنهم وكافرهم، طائعهم وعاصيهم فالمؤمن الطائع يتحسر انه لم يزد من طاعته والعاصي يتحسر على معصيته والكافر يتحسر أن لم يكن قد آمن، ولحكمة ارادها الله تعالى سبحانه وتعالى جاء ذكر الساعة فى كثير من سور القرآن طوالها واوساطها وقصارها كما جاء فى السورة التى يقراها كل المسلمين فى كل ركعة من صلاتهم، "مالك يوم الدين" للتذكير بها فى كل وقت فى كل ركعة لكى نتذكر ان كل ما نحن فيه سيزول، كل ما نملكه سيزول، لن يتبقى لنا الا اعمالنا، لا أولاد ولا مال ولا اى مظهر من مظاهر الحياة. فى هذا المكان بيت الله الحرام تشعر بانك تأخذ شحنة من الروحانية لتستطيع معها ان تعود الى الحياة مرة اخرى بكل ما فيها من ماديات وصراعات، بشحنة جديدة، بقلب جديد، قلب تطهر من حب الدنيا الى حب الاخرة، قلب تعلق بالطاعة وكره المعصية والذنوب، قلب اخلص النية لله، قلب استمد القوة وجدد الطاقة والعزيمة بالا يعود للمعاصى مرة اخرى، بعد ان تذوق حلاوة التجرد لله وشعر بطعم الرضا فما اعظم تلك الايام التى يقضيها الانسان فى معية الله حقا افضل الايام واحلاها. واخيرا ما اجمل ان يبتعد الانسان ولو قليلا عن الدنيا وان يعيش فى الاخرة ويستحضرها ويشعر بمعانيها واهوالها، ما اجمل ان يأخذ طاقة من الايمان بالله واليوم الاخر يوم الحق والعدل، وما اجمل ان تكون اجازتك اجازة تجرد حقيقى من متاعب الحياة وآلامها الى تذوق حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.. وسلامتكم.. [email protected]