27 أكتوبر 2025

تسجيل

ما المادة التي تصنع؟

19 يناير 2014

كأنك تمدّ يدك الى الإحساس وتُخرج من ذاته ما يختزن، ولا يستطيع أن يقول، والشاعر الأندر هو من يستخلص المدهش من العادي، على حدّ قول الشاعرة الأميركية إيملي ديكنسون. على الرصيف الآخر نجد بعض الأقلام التي غالت وتطرفت وأتت بما يشبه التشتت والتهويم تحت ستار العمق والحداثة وذلك بسبب الضحالة الفكرية والنفسية المترسبة وراء ما يقولون فذهب الشعر الحديث والحداثويون بجريرة هؤلاء البعض! طبعاً لا أقصد أحدا بعينه، فمن هو والحالة هذه، الضحية؟! بالحالتين هو الشعر ولكن رغم ذلك علينا أن نميز ونغوص في أمور ثلاثة من شأنها إنقاذ الفارس والفرس من تعثرهما وسقوطهما أولها أن نتوجه إلى الأصالة الحقيقية وهي أصالة الفكر والعاطفة والإبداع كما يقول الفيتوري، لأن الأسلوب الفني الجيد والصياغة الموسيقية الدقيقة لن تستطيع رغم جودتها ودقتها أن تخلق للفكر السطحي أو الفكر المسروق أجنحة تحلق بها في آفاق الحياة، والشاعر الحق يعي ويدرك كم يصعب الكلام على الكلام، وثانيها الاستجابة لفتنة الكلام كما جاء في أسرار البلاغة للجرجاني، وأهمية الذوق في تحسس الفنون وهذا موضع في غاية اللطف لا يبين إلا إذا كان المتصفح للكلام حساساً يعرف وحي وطبع الشعر وحركته التي هي "كالخلس وكمسرى النَفَس في النفْس"، فمن هو المسؤول عن رفع سوية الذوق والتذوق للمتلقي؟! أما الأمر الثالث فهو عدم الاستسلام للسقوط: "وقال بيدبا: سألتني عن السقوط مرة فإن ما زلت مصغياً إليّ أيها الملك ها أنذا أقول لك، يسقط بعضهم لأنه يُرى ولا يرى ويسقط البعض لأنه يسير القهقرى وشرّ أنواع السقوط مرضا هو السقوط في الرضا".