18 سبتمبر 2025

تسجيل

ديكور بلا دور

19 يناير 2011

ربما عليّ حقيقة أن أعترف بأن الشعوب العربية قد وجدت حلاً سحرياً للانقضاض على الأنظمة وقلب كراسي الحكم وتغيير الحكومات في غمضة عين، وكأن هذا هو الحل الفعلي لذلك.. فمسألة إحراق الجسد للتعبير عن كوم الغضب المحتقن في قلوب وأفئدة الشعوب العربية المحتجة على أنظمتها العربية؛ لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال الحل الناجع للاعتراض وتغيير ما حان تغييره في بعض الدول العربية، التي آن لحكامها أن يتنازلوا عن الحكم اختياراً أو إجباراً، ويعلم الجميع ان عليهم حقاً أن يتدارسوا بينهم وبين أنفسهم ان المسألة أضحت مسألة وقت ويأتيهم الدور بإشعال الأجساد التي تغلي غضباً وقهراً أمام قصورهم الرئاسية، بعد أن اشعلوا الشعوب كمداً وضيماً عقوداً طويلة من الزمن كانت نسب انتخابهم لتجديد ولايتهم لا تقل عن 90 % وبأغلبية ساحقة وسط دعاوى مضحكة بنزاهة الانتخابات وأحقية كل مرشح بنيل منصب الرئاسة!!.. وليس علينا حقيقة أن نحرق الجسد ونلقى الله منتحرين لمجرد أن نشعل فتيل الثورة، فهذا فكر ناقص وبحاجة لأن تستنير الشعوب العربية بأن الطريق الأمثل والأفضل هو مواجهة النظام بشتى الطرق، وإن المعتقلات السياسية هي أكبر دليل على فساد الحكم وعدم أهليته لأن يستمر أكثر مما قضى الله له أن يستمر.. فمحمد ولد عزيزي الذي أشعل الثورة التونسية التي أودت بفرار "شين العابدين" كالفأر المذعور إلى رحاب الضيافة السعودية بمدينة جدة، يمكن أن يكون قدوة سيئة لباقي الشعوب التي أنعشتها الآمال مرة أخرى بأن يجري بهم ما جرى لشعب تونس ويتخلصوا من أنظمتهم الفاسدة لأن التغيير لا يمكن أن يكون على يد شخص واحد وإنما أمة تتحد وتجد بيدها ما يمكن أن يحدث لها التغيير الذي سيطول به الأمد على مايبدو في بعض الدول العربية التي تعرف نفسها جيداً.. وإن القصور الرئاسية التي تؤوي طامعي المجد والسلطة ستفتح يوماً للشعوب للاقتصاص منهم والانقضاض عليهم انتقاماً من السنوات الجائرة التي قضوها حكاماً لمحكومين لاحول لهم ولا قوة، ولكن للأسف حينها سيجدون من الملاجئ الخليجية الصدر الحنون الذي سيؤويهم هم وعائلاتهم لآخر أعمارهم دون أن يدعو أصحاب هذه الملاجئ لسؤال هؤلاء: أي ذنوب فعلتم وأتيتم لنا كالفئران هاتفين: الفزعة الفزعة؟!.. الأمثلة كثيرة لاتعد ولا تحصى، فالمجرمون يلقون دائماً محامين بالمجان وأراضي مفتوحة توهب لهم.. وليس مهما أن يلقيهم التاريخ في مزبلته الواسعة فالذين يعيشون ردحاً طويلاً من الزمن يأكلون من قوت شعوبهم يفقدون معنى الشعور بأن تكون لهم ذكرى طيبة بعد رحيلهم، لا يهم ماداموا في مأمن من بطش الشعب المظلوم بقدرة هذه الملاجئ، ولا يهم إن أصبحوا ديكوراً بلا دور!. فاصلة أخيرة: لله درك يا تونس.. اليوم تشعرين بالفخر بعروبتك وإسلامك وصوت المآذن في شوارعك يثبت لنا أنك تتنفسين من جديد!.