17 سبتمبر 2025

تسجيل

فاجأنا عصر حرب النجوم ونحن في الكهف نائمون!

18 ديسمبر 2020

ما أبلغ العبر في سورة أهل الكهف لو قرأناها بعيون الاعتبار لأدركنا أننا مثل الفتية الذين قص علينا القرآن الكريم قصتهم: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا) صدق الله العظيم، ولعل الله سبحانه ضرب على أذان العرب في كهف الحياة سنين عدداً بل لعلنا سنبعث يوماً لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثنا أمدا!. حل بالعالم عصر ما بعد الحداثة وما وراء التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وهل تحتاجون إلى أدلة عما أدعي ونحن ننظر حولنا ولم نعد نفهم لغة هذا العصر الذي غبنا عن صناعته، واليوم نحاول فك طلاسمه بنوع من البلاهة المتخلفة علنا نحل شفراته كأننا خبراء الآثار الفرعونية عثرنا على مومياء الفراعنة وعليها حروف هيروغليفية غامضة. هل يعلم العرب أن يوم الثلاثاء الماضي أعلنت الحكومة الأمريكية أن وزارة الخزانة ووزارة التجارة وبعض وكالات الأمن القومي تعرضت لقصف "هاكرات" وقراصنة يقال إنهم من روسيا أو من الصين لا أحد يعلم بالضبط كيف يكشف هوياتهم؟ وأن العالم الإيراني النووي محسن فخري زاده تم اغتياله بدقة متناهية دون تواجد أي قاتل إسرائيلي في طريقه لأن الكومندوس كما أعلن المحققون الإيرانيون نصب فخاخه الإلكترونية على الطريق وفي اللحظة التي مر فيها موكب العالم وحراسه الأحد عشر سيرت الأقمار الصناعية من الفضاء عملية الاغتيال بواسطة رشاش "رقمي" استهدفه في الرأس بوابل من الرصاص ولم يصب زوجته بخدش وهي كانت معه في نفس السيارة، إننا بإزاء حرب بين عصرين لا بين عدوين عصر حرب النجوم وعصر ما قبل التاريخ!. أما الفرق بيننا وبين أهل الكهف فهو يكمن في هذه الأيات: (نحن نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَاْ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا) صدق الله العظيم، الفتية آمنوا بربهم أما أغلب العرب اليوم فآمنوا بطواغيت الغرب العنصري المنتصر المتحالف مع أعدائهم ومحتلي أراضيهم!، وهذا الخندق المهول بين عصرين لم يحفر اليوم عام 2020 بل ظهرت بوادره وشائعات ملحة عنه منذ الهزيمة المدوية التي تكبدتها الجيوش العربية يوم الخامس من جوان حزيران 1967 حين لم يدرك زعماء العرب أن خرافة (الحرب سجال والحرب كر و فر) هي نظريات بائدة وانتهت مدة صلاحيتها وأتذكر جيدا أن إذاعة البي بي سي البريطانية أذاعت تقريراً لمراسلها على الجبهتين العربية والإسرائيلية ليلة الرابع من ذلك الشهر الرهيب أي قبل ساعات قليلة من الهجوم الخاطف الإسرائيلي الذي فاجأ أسلحة الطيران المصرية والسورية و الأردنية في بضع ساعات وتم خلاله تدمير القدرات الجوية للعرب، وأتذكر شخصياً أن مراسل البي بي سي كان يذيع مباشرة من الجبهة العربية في مصر ونقل الجو قائلا إن الأناشيد الحماسية تملأ الجبهة وتتوعد العدو الإسرائيلي بالهزيمة بل تهدد دولة إسرائيل بالزوال، وتحدث عن رقصات الدبكة الرجولية يؤديها النشامى ثم حين انتقل نفس المراسل إلى الجبهة الإسرائيلية قال عنها حرفياً: "هنا لا شيء يوحي بالحرب، الجنود وضباطهم ناموا مبكراً وأطفأت أضواء المعسكر كأية ليلة صيفية على جنبات مضيق العقبة!. هنا ومنذ ذلك التاريخ بدأ عصران متضادان يرتسمان في كتاب التاريخ الحديث: عصر الحرب الخاطفة التي نبه إليها الزعيم بورقيبة في خطاب أريحا 5 مارس 1965 وعصر الحماسة (من ديوان الحماسة) وكم كان المفكر المتمرد عبد الله القصيمي ابن الجزيرة العربية مصيباً بذكاء نادر حين نشرت له بيروت كتابه بعنوان (العرب ظاهرة صوتية)، وذهب العنوان مذهب الأمثال منذ الستينيات، وكانت تربطني بالرجل علاقات صداقة ولدي منه إلى اليوم رسائل بخط يده لم تنشر من قبل. كاتب تونسي [email protected]