10 سبتمبر 2025

تسجيل

المعارضة تغادر خندق الرقم الأضعف فى المعادلة السورية

18 ديسمبر 2015

شكل مؤتمر الرياض الذى عقد يومي الأربعاء والخميس الماضيين ,اختراقا حقيقيا لحالة التشظى التي تسود فصائل المعارضة السورية ,سواء السياسية بالخارج أو التي تحمل السلاح بالداخل, ودفع بها إلى خندق الرقم الأضعف في المعادلة الراهنة , لاسيما مع بروز روسيا كفاعل رئيس في هذه المعادلة ,بعد لجوئها إلى التدخل العسكري المباشر بقوات جوية وبرية وبحرية, مما رفع من منسوب الشعور بالقوة لدى نظام بشار الأسد ,والذي وظف بشكل جيد ورقة التنظيمات الإرهابية, الأمر الذي خلق بيئة دولية مواتية ضدها ,ولاشك أن قوى المعارضة التي اجتمعت في الرياض ,كانت في حاجة إلى هذا القدر من تفعيل صوتها الموحد – حسب تعبير بيان وزارة الخارجية المصرية الذي رحب بنتائج المؤتمر – حتى يكون بمقدورها وضع محددات مشاركتها في العملية التفاوضية المرتقبة مع الحكومة السورية ,والتي باتت تحظى بإجماع إقليمي ودولي ,مع تفاوت في منظور أطراف هذا الإجماع ,وتمسك البعض بما يمكن اعتباره شروطا مسبقة تتمثل بشكل رئيسى فيما يطلق عليه سياسيا عقدة الرئيس الأسد, والتي ستخضع بالتأكيد لحسابات خاصة بكل طرف ,ومنظوره لمدى الأرباح والخسائر التي سيحققها في حال استمراره في السلطة ,أو خروجه منها ويمكن الإشارة إلى جملة من الملاحظات في ضوء قراءة نتائج مؤتمر الرياض: أولا : صحيح أن كافة الفصائل والتنظيمات لم تشارك فيه,لكنه حشد أكبر عدد منها بما في ذلك جماعات مسلحة من الداخل, في مقدمتها الجيش الحر وأحرار الشام وجيش الإسلام ,تنوعت توجهاتها بين الوطني والقومي والاسلامي المعتدل غير المرتبط بالفكر المتطرف, وتمثل جميع مكونات الشعب السوري ,من العرب والأكراد والتركمان والأشوريين والسريان والشركس والأرمنثانيا : بدا واضحا أن ثمة إجماعا من قبل فصائل المعارضة ,على المحددات الرئيسية التي تشهد توافقا ,حتى لو بدت بعض الخلافات في منهجية الوصول اليها ,مثلما حدث من قبل أحرار الشام التي أعلنت انسحابها من المؤتمر, ثم تراجعت ومبادرة ممثليها إلى التوقيع على البيان الختامي ,وتتمحور حول التمسك بوحدة الأراضي السورية و,الإيمان بمدنية الدولة السورية وسيادتها، والالتزام بآلية الديمقراطية التعددية, دون تمييز عرقي أو طائفي، وبالحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، والرفض الكامل للإرهاب بكافة أشكاله .ثالثا : أسفر المؤتمر عن تحديد آلية لتشكيل وفد المعارضة فى المفاوضات المرتقبة سواء في نيويورك أو في جنيف ,تتمثل في إنشاء لجنة عليا للمفاوضات مكونة من 33 شخصا ,وتتخذ من الرياض مقرا، وتكون بمثابة مرجعية للوفد التفاوضي , تضم 9أعضاء من الائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة والثورة السورية , و11 من الجماعات المسلحة , و5 من معارضة الداخل و8 مستقلين , صحيح أن اختيار أعضاء هذه اللجنة لم يتم عبر آلية الانتخاب , وهو ما شكل موضعا لانتقاد بعض الفصائل , غير أن هذا الاختيار حاول إرضاء كافة الأطراف, بما في ذلك الفصائل المسلحة التي سيكون لها شأنها ورؤيتها في الحل السياسى ,والذي لن يكون منبت الصلة بوقائع العمل العسكري في الميدان , بيد أن ذلك قد يدفع بتفجير بعض الخلافات فيما بين أعضاء هذه اللجنة ,عند البدء فى اختيارأعضاء الوفد الممثل للمعارضة في التفاوض مع النظام , الأمر الذي من شأنه أن يسهم في قدر من الإرباك لخندق المعارضة , وهو مالن تسمح به الدبلوماسية السعودية الراعية للمؤتمر والأطراف الإقليمية الأخرى الداعمة للمعارضة المعتدلةرابعا : ثبت المؤتمر رؤية المعارضة بشقيها السياسى والعسكرى على الخيار السياسي لحل الأزمة السورية , وفقا لوثيقة جنيف 1 الصادرة في الثلاثين من يونيو 2012 ,وبيان فيينا الأخير ,وهو موقف تبنته أغلب فصائلها حتى قبل التدخل الروسي العسكري المباشر ,مايعني أن السنوات الخمس الماضية أنهكت جميع أطراف الأزمة , فجميعها تتحدث عن تبني هذا الخيار بعد أن اتضحت الكلفة الباهظة للخيار العسكري , الذي أفضى إلى قتل ما يقرب من 300 ألف سوري و إصابة وجرح عشرات الألوف ,ونزوح ولجوء حوالي نصف الشعب السوري بالداخل والخارج ,فضلا عن تدمير البنية التحتية والمرافق والخدمات , لكن المعارضة تطالب في الوقت ذاته بضرورة توافر ضمانات دولية، مع التأكيد على أن عملية الانتقال السياسي في سوريا هي مسؤولية السوريين، وبدعم ومساندة المجتمع الدولي، بما لا يتعارض مع السيادة الوطنية، وفي ظل حكومة شرعية منتخبة , غير أن ثمة متغيرا يبدو في الأفق فيما يتعلق بهذا الخيار ,بوسعه أن يسهم في إجهاض عملية التفاوض قبل أن تبدأ, ففي الوقت الذي أعلنت فيه فصائل مؤتمر الرياض أن هدف التسوية السياسية هو" تأسيس نظام سياسي جديد، من دون أن يكون لبشار الأسد، وزمرته، مكان فيه" ,شدد الأخير في مقابلة صحفية عقب صدور البيان بساعات وجيزة على رفض مشاركة حكومته في التفاوض مع ما وصفها بالجماعات الإرهابية وهو التعبير الرسمي الذي يضع كل فصائل المعارضة في خانة الإرهاب . * صحفي عربي من مصر