21 سبتمبر 2025

تسجيل

النجاح ولعنة التشويه

18 ديسمبر 2011

من أسوأ ما نشاهده على اليوتيوب والفيس بوك والتويتر وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي، تلك المقاطع المصورة التي تسيء وبشكل مقزز ومستهجن إلى شخصيات عامة أقل ما يقال عنها إنها ناجحة، استطاعت بوفائها لمبادئها أن تضع علامات مضيئة على طريق البناء لمجتمعاتها وأوطانها وأمتها، ومع أن هذه القامات السامقة قد أعطت بسخاء، وعملت بإخلاص، ومارست حياتها بوفاء تام لما تؤمن به من قناعات، وشقت طريقها بخطوات راسخة وواثقة في طريق النجاح، فقد أصبحت عرضة للتشويه من قبل مَن يختلفون معها في الرأي أو المذهب أو الطائفة، وخاصة أولئك الذين لا يعملون ويسوؤهم أن يعمل غيرهم، وهو تشويه يوغل في الاسفاف، ويتجاوز كل حدود القبح، لأنه يسيء إلى القيم الاخلاقية التي تميز الإنسان السوي عن سواه، حتى ليعتقد الإنسان أن هؤلاء ليسوا سوى مرضى تشوهت نفوسهم بالحقد والكراهية وحب الإساءة لغيرهم، من الناجحين الذين لا يلتفتون إلى هذا التشوية، وكأن لسان حالهم يقول: لا مجال لإصلاح مَن أصابتهم لعنة تشويه سمعة الآخرين. وكما أن الله قد وهب الناجحين ميزة التفوق، فقد منحهم قبل ذلك ميزة العقل الراجح، وهو أحد أسباب ذلك التفوق، والعقل الراجح هو الذي يملي عليهم النظر إلى تلك الأصوات النشاز بأنها من التشوهات التي قد توجد في أي طريق، ولا بد من تجاوزها وعدم الوقوف عندها، وصولا إلى آفاق الغايات الأسمى وفضاءات الأهداف الأعلى، والنتيجة أن هذه التشوهات لن تعود بالضرر إلا على أصحابها، وكما قيل: (لله در الحسد ما أعدله، بدأ بصاحبه فقتله) فالأحقاد وما تفرزه من إساءات ومحاولات تشويه تجاه الناجحين، لن تزيد أصحابها إلا ضغوطا نفسية لا تنتهي إلا عن أحد طريقين، إما العلاج النفسي، أو نهاية الحياة، ولنا أن ننظر حولنا لنرى أن الشجرة المثمرة هي التي ترمى بالحجارة، وأولئك الناجحون من رموز الأمة كتلك الأشجار المثمرة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها من يشاء، ويشمل ظلها مَن أراد، دون أن تنحني قاماتها لعواصف الغيرة والحسد والتشفي، من ناقصي العقل والدين، الذين لا هم لهم سوى زرع الأشواك في طريق الناجحين. جميع الأمم والشعوب تعتز برموزها، وتفتخر برجالها الناجحين، وتتباهى بإنجازاتهم التي تضيف لحياتهم ولحياة غيرهم الخير والأمن والسلام والرفاهية، لأنهم كالغيث إينما وقع نفع، وهذا ما يثير حفيظة الموتورين الذين يتحركون في اتجاه الخطيئة بدافع الأمراض النفسية والتشوهات الأخلاقية، مما يحولهم إلى أداة تخريب، تعمل بقوة الدفع الذاتي، أو تحركها أيد خفية لها مخططاتها التي تغيب عن إدراك وفهم من قصر بهم الإدراك والفهم عن معرفة سوء وقبح الأدوار التي يقومون بها، وما يمكن أن تفضي إليه من عواقب وخيمة، ليس على غيرهم ولا على مجتمعاتهم وأوطانهم وأمتهم فقط، بل وعلى نفوسهم الأمارة بالسوء، وهي عواقب مدمرة قد تعرضهم لما لا يخطر على البال من سوء المصير. لقد وجدت وسائل الاتصال الاجتماعي من أجل منفعة الناس، لكن هناك مَن يستعملها للضرر بالناس، والإساءة إليهم، وتشويه سمعتهم، والتقليل من شأن منجزاتهم، بل ومحاولة إلغاء نجاحهم، وهي محاولة فاشلة لأن الشمس لا يغطيها الغربال، مهما تعددت المحاولات واستمرت، فلا نجاح إلا للخير ولا بقاء إلا لما هو أصلح للبلاد والعباد. كيف للاختلاف في الرأي أن يودي بصاحبه إلى سراديب مظلمة من الأحقاد، وما تفرزه من إساءة للغير دون وجه حق؟، أليست هذه هي الخيانة للذات وللناس وللحياة؟ [email protected]