18 سبتمبر 2025

تسجيل

إسرائيل تهودنا ...

18 نوفمبر 2014

بين الحين والآخر تتجدد المواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين رافضين للاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى، وقد بلغ الغضب ذروته بتنفيذ عمليات طعن ودهس لإسرائيليين في القدس والضفة الغربية وتل أبيب، هذا الرد المقاوم الذي لا يرهبه العدو المدجج بأحدث الأسلحة يأتي في ظل سياسة تطهير عرقي ممنهجة تهدف لجعل نسبة السكان الأصليين في القدس لا تتجاوز 22% بينما تتواصل التطمينات للوصاية الهاشمية بأن كل الإجراءات الناعمة وغير الناعمة، فوق الأقصى وتحته، "لن تغير من الوضع القائم" ولتوضيح هذه التطمينات للحضرة الهاشمية وللسلطة الفلسطينية وللمحيط العربي المرتجف يؤكد أفيغدور ليبرمان:"لن نقبل بتعريف البناء في الأحياء اليهودية في القدس بأنه نشاط استيطاني". يستميت بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي في جعل الكيان اللقيط دولة قومية وحيدة لليهود من كل أنحاء العالم وذلك من خلال إصراره على إحالة قانون "القومية" على الكنيست لإقراره، وفي حال نجح نتنياهو في الوصول إلى مراده فإن ذلك يعني أن تتحول إسرائيل إلى دولة دينية خالصة لليهود فقط وسيصبح كل من يقيم على أراضيها المحتلة معرضا للطرد خصوصا من الفلسطينيين داخل الخط الأخضر أو من اصطلح على تسميتهم بعرب 48، وهذا هو الحل الذي تعمل على تكريسه دوائر الصهيونية العالمية بمن فيهم أعضاؤها من القادة العرب ليكون سكان المنطقة العربية أمام أمر واقع.. دولة قوية قومية ديمقراطية للشعب اليهودي ودولة منزوعة السلاح لكل الشعب الفلسطيني على أرض مقطعة الأوصال. يطالب نتنياهو في كل مرة يتطرق فيها إلى حل الصراع "الإسرائيلي – الفلسطيني" بأن يعترف الفلسطينيون بأن إسرائيل هي "الدولة القومية للشعب اليهودي"، ويطرح ذلك كشرط أساسي لا يمكن من دونه التوصل إلى اتفاق دائم رغم أن مصطلح "الدولة اليهودية" ظهر لأول مرة في إعلان ديفيد بن جوريون عام 1948 إلا أن إسرائيل لم تطالب الفلسطينيين منذ بدء المحادثات بين الجانبين قبل أكثر من 20 عاما بأن يعترفوا بالدولة اليهودية على اعتبار أن المطلب يعرفه كل العرب خصوصا كل الذين كانوا يهتفون بشعار "سنرمي إسرائيل في البحر" وفي المقابل أضاع المفاوض الفلسطيني الذي لم يقرأ بيان تأسيس الكيان الغاصب زمنا طويلا متغافلا ربما عن أهداف الطرف الآخر.نتنياهو يرى أن إسرائيل تعيش عصرا ذهبيا ولحظة تاريخية حاسمة حيث تغرق المنطقة العربية كلها في صراعات مذهبية وطائفية وكل أنظار العالم متجهة إلى الحرب على داعش وأخواتها، ولذلك لابد من الإسراع في تحقيق التوازن بين يهودية الدولة والديمقراطية هذه الديمقراطية التي تؤطر الآن عمل المؤسسة القضائية وتمنح غير اليهود بعض حقوقهم عند التقاضي لكن هذه الميزة لن تكون في قادم الأيام إذ سيتم البدء بطرد كل من تثبت ضده تهمة تعريض أمن الدولة اليهودية للخطر وربما سيكون بعض الناشطين من عرب 48 أول الضحايا أمثال الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية والعضوة السابقة في الكنيست حنين الزعبي.لا يوجد على المدى القريب أو البعيد أي مؤشرات تقول بأن هناك فعلا أو سلوكا سياسيا عربيا يمكنه أن يقف عائقا أمام توجهات السياسة الإسرائيلية، بل يبدو أفق السياسيين العرب ملبدا بغيوم سوداء لا تحمل خيرا بل حقد وتآمر ونظرتهم للجغرافيا السياسية لا تتعدى "أرانب" أنوفهم!! بل منهم من لا يرحم الفلسطينيين ولا يترك رحمة الله تساعدهم، فهذه دولة قومجية شقيقة ترى مصدر الخطر الإرهابي من نحو 14 كيلومترا هي كل حدودها مع غزة، وأن مصدر الخير ربما يأتيها من نحو 200 كيلو متر هي حددوها مع إسرائيل، دولة عربية أخرى فاضت خزائنها بالأموال لذلك فهي توزع الفائض على مناطق التوتر وبؤر النزاعات وتبني مسجدا كبيرا جدا بجوار المسجد الأقصى ربما خوفا على ضياع هوية المسلمين في حال بلوغ الحفريات تحت المسجد الأقصى تمامها. أما علماؤنا الأجلاء فقد أصدروا الفتاوى تلو الفتاوى بعدم جواز زيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه تحت أسنة رماح الاحتلال وذلك بحجة خوفهم من تفشي داء التطبيع في أدمغة المسلمين وتغلل الثقافة الصهيونية، وتبدو وجاهة الفتاوى أنها جعلتنا ننظر للمرابطين في المسجد الأقصى كأنهم كائنات لها أحاسيس ومشاعر ودماء تختلف عن تلك التي تجري في عروقنا، كما أن من فوائد هذه الفتاوى أن الكثير منا يرى بأن مسجد قبة الصخرة هو نفسه المسجد الأقصى، وقد تضامن طيف واسع من الإعلام العربي مع هذه التوجهات وأغفل التركيز على أولى القبلتين وثالث الحرمين إلى درجة أن نسبة كبيرة من الجيل الجديد لا تعرف إلا مسجدين حرمين لا ثالث لهما. ويتضاعف الألم والحسرة من هذا الواقع المرير إذا ما شاهدنا صور المظاهرات في أقاصي جنوبي شرق آسيا تضامنا مع المقدسيين والفلسطينيين ضد ممارسات قوات الاحتلال ولا نرى في البلدان العربية سوى ردود فعل خافتة حينها ربما يدرك الجميع أن إسرائيل نجحت في جعل سياسة التهويد أمرا واقعا مع الأسف.