09 أكتوبر 2025
تسجيلتحتفظ ذاكرة التاريخ المصري المعاصر بذكريات مرة ومروعة عما فعله العسكر بمختلف صنوفهم وعصورهم بالقادة الذين أحبهم الشعب وحاولوا قيادة مصر نحو بر الأمان والاستقرار وتدعيم عملية البناء الوطني، ويذكرنا مصير الرئيس المنتخب والمعزول بفعل انقلاب عسكري صارخ ضد محمد مرسي الذي تحول بعد شهور من الخطف القسري لسجين جنائي في سجن برج العرب الإسكندراني بمصير أول رئيس لجمهورية مصر في تاريخها الحديث وهو اللواء الراحل محمد نجيب الذي أغمط التاريخ الذي كتبه البكباشية و(الهيكلية) ذكره!، بل ومارسوا روايات التشنيع والأكاذيب ضده، وتعرضت أجيال واسعة من المصريين لغسيل دماغ معلوماتي جعلت من محمد نجيب اسما غامضا رغم أنه لعب أخطر الأدوار في تاريخ مصر المعاصر، كل ذنب اللواء محمد نجيب وهو العسكري المرموق الذي تصدر اسمه وتصدرت رتبته واجهة حركة 23 يوليو 1952 التي أطاحت بحكم أسرة محمد علي من مصر هو مطالبته بتحقيق أحد أهم بنود الانقلاب المنشورة، وهو قيام حياة ديمقراطية سليمة، وعودة الجيش لثكناته وممارسة دوره في حماية الثغور وليس في الحكم والتحكم وإدارة البلاد بروح إدارة الفصيل العسكري!، فكانت الضربة القاصمة التي وجهها ضباط الانقلاب له في 14 نوفمبر 1954 بعزله ووضعه تحت الإقامة الجبرية وإذلاله والجرأة على شخصه وإغماط حقه لعقود طويلة امتدت لما بعد رحيل رئيسي مصر جمال عبد الناصر وأنور السادات حيث توفي نجيب في صيف 1984، تعرض نجيب لظلم تاريخي ولمعاناة شخصية مروعة، رغم أنه كان محبوبا من الشعب وبسيطا ويمثل بشكل حقيقي وحدة وادي النيل لانتماءاته وجذوره المصرية والسودانية، وفوق هذا كان يفكر بعقلية متقدمة تتجاوز مرحلة الانقلابات العسكرية التي كانت موضة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي لمرحلة بناء الديمقراطية والحياة الحرة الكريمة بعيدا عن الأحذية الثقيلة؟، فهل يعيد التاريخ نفسه في مصر بطريقة مأساوية؟، الرئيس المعتقل محمد مرسي وهو يرسل اليوم رسائل المعاناة والتوضيح من محبسه ويشرح ما فعله العسكر به يوم الثالث من يوليو 2013 يرسم خطوطا واضحة لممارسات قمعية أقدم عليها أهل الفكر الانقلابي العسكري دون مراعاة لأبسط قواعد احترام إرادة الجماهير والتي هي عماد الثورة والتغيير في كل مكان، العسكر في ممارساتهم يجترون ممارسات من سبقهم من الطغاة ولا يعون لحقيقة أن التاريخ قد تغير، وأن العالم اليوم ليس هو كما كان عام 1952، كما أن الجماهير وشباب التغيير في عصر المعلوماتية ليست هي نفسها جماهير الماضي التي كانت تخدع بواسطة آلة العسكر الإعلامية التضليلية التي كان يقودها الجنرال حسنين هيكل وأتباعه وما زالوا حتى اليوم للأسف يقومون بنفس الدور التضليلي المؤسف والمتعارض مع حرية الإنسان وحقوقه الأساسية، مأساة مرسي اليوم هي تكرار لمأساة اللواء محمد نجيب بالأمس مع بعض الفروق والظلال والرتوش التاريخية، وإرادة الجماهير لن تشوش عليها أو تمنع انطلاقتها إرادة قمع تجاوزه التاريخ ونبذته الأمم والشعوب الحرة، فهل يتكرر مع مرسي مصير محمد نجيب؟ وهل يكون الرؤساء الأحرار في مصر هم الضحية؟