19 سبتمبر 2025

تسجيل

العراق والفوضى

18 أكتوبر 2021

بعد انتخابات مبكرة ومربكة أعلنت مفوضية الانتخابات العراقية على عجل النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية، عملاً بالتعديلات التي أقرها البرلمان المنصرف على قانون الانتخابات بهدف التقليل من فرص التلاعب بالنتائج، فور صدور الأرقام الأولية بدأت الاعتراضات من الأطراف المختلفة، تطورت الاعتراضات سريعاً وخلال ساعات وقبل صدور النتائج النهائية كانت كل القوى السياسية قد أخذت مواقعها في حالة الاستقطاب الجديدة استعداداً للمعركة القادمة. أظهرت النتائج فوز الكتلة الصدرية بـ73 مقعداً مواصلة تقدمها في البرلمان العراقي منذ قرارها العودة إلى المشاركة في الانتخابات، بينما حلت كتلة "تقدم" التي يقودها رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي ثانية بـ47 مقعدا، وجاء تحالف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي ثالثاً بـ37 مقعدا، ليكون الطرف الوحيد المحسوب على طهران ضمن المراكز الأولى. الخاسر الأكبر في الانتخابات كان بقية القوى الموالية لطهران سواء تلك السياسية التي كانت تقود التشكيلات الحكومية في السابق، والتي تجمعت تحت راية تحالف القوى الوطنية بزعامة كل من حيدر العبادي وعمار الحكيم أو القوى الممثلة للميليشيات وعلى رأسها الحشد الشعبي الذي يمثله ائتلاف الفتح، هذه القوى مجتمعة حصلت على 18 مقعداً فقط، ما يعني أنه لا مجال أمام القوى المحسوبة على طهران مهما وسعت تحالفاتها لتشكيل الحكومة القادمة أو حتى التأثير بشكل فعال على تركيبتها. الإطار التنسيقي وهو كيان يجمع الميليشيات مع القوى السياسية المقربة من طهران أعلن رفضه للنتائج وانضم له الجبهة الوطنية المدنية المقاطعة للانتخابات بزعامة اياد علاوي، واتفق الطرفان رغم تبريراتهما المتعارضة على ضرورة إبطال النتائج والدعوة لانتخابات جديدة. ما زال الوقت مبكراً للحديث عن التشكيل الحكومي القادم في ظل غياب توافق حول القبول بالنتائج، ولكن مقتدى الصدر بدأ فعلياً في مشاورات تشكيل الحكومة مع القوى السياسية المختلفة، لا شك أن طهران ومن تدعمهم لن يقبلوا بتمرير ما حدث بسهولة والحشد الشعبي هدد بشكل مباشر باللجوء إلى العنف في إطار حماية سلاحه الذي اعتبر أن النتائج تمثل تآمراً عليه. بعيداً عن التجاذبات السياسية والحديث عن التدخلات الأجنبية والتغييرات في طريقة احتساب النتائج وتوقيت إعلانها إلا أن هناك مبررات واضحة لتراجع القوى المحسوبة على طهران، أبرزها الفشل السياسي في تحقيق الاستقرار، والمواجهة الفاشلة للمظاهرات والمطالبات الشعبية، وغياب قاسم سليماني عن المشهد والارتباك الإيراني الناتج عن ذلك، يضاف إلى ذلك طبعاً الموقف الأمريكي وموقف بعض الدول الإقليمية وتحركها في الانتخابات الأخيرة. العراق يتجه على ما يبدو نحو استرجاع سيادته أو جزء كبير منها من الجار الشرقي، ولكن المخاض سيكون عسيراً، خاصة مع شعور طهران بالتهديد المتزايد لمشاريعها الإقليمية، عودة العراق كلاعب إقليمي مستقل إن تمت سيكون لها انعكاسات مهمة إقليمياً، وهناك قوى في الإقليم وخارجه لا تريد لذلك أن يحدث، العراق مقبل على منعطف صعب ولكنه محوري في تاريخ ما بعد سقوط بغداد في 2003 . أكاديمي قطري [email protected]