16 سبتمبر 2025
تسجيلجاءت التسريبات التي نشرتها شبكة رصد الإخبارية، المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، والتي اشتملت على فيديوهات تظهر مواقف وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي إزاء عدد من القضايا المطروحة على الساحة السياسية، وكذلك ما يتعلق بكيفية تخطيط المؤسسة العسكرية لإعادة السيطرة على المجتمع المصري عبر السيطرة على مؤسساته المختلفة خاصة المؤسسة الإعلامية.. جاءت هذه التسريبات لتشير إلى عدة أمور في إطار الصراع السياسي الناشب بين ممثلي النظام القديم الذي قامت ضده ثورة يناير وعلى رأسهم المؤسسة العسكرية، وبين ممثلي هذه الثورة وعلى رأسها التيار الإسلامي وفي القلب منه جماعة الإخوان المسلمين. الأمر الأول يوضح أن ثورة يناير لم تؤد إلى إسقاط النظام القديم كاملا، بل أسقطت رأس النظام فقط وبقيت القوى الأساسية التي تحمي هذا النظام، وهي مؤسسات القوة المتمثلة في المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية الأخرى. وقد سعت هذه القوى إلى استعادة السلطة مرة أخرى من ممثلي ثورة يناير بكل الطرق، وهو ما انتهى إلى تنفيذ الانقلاب العسكري الذي تم يوم 3 يوليو الماضي بعد خلق ظهير شعبي عبر مظاهرات 30 يونيو. وقد ظهر ذلك في التسريب الذي تحدث فيه السيسي عن التغييرات التي حدثت بعد الثورة، والتي شملت قواعد التعامل مع المؤسسة العسكرية لدى الشعب والإعلام مما استلزم العمل على خلق أذرع إعلامية لإعادة السيطرة على الدولة والمجتمع مرة أخرى. الأمر الثاني أشار إلى عدم قدرة ممثلي ثورة يناير على تجاوز خلافاتهم الإيديولوجية التي طغت بشكل كبير عقب إسقاط رأس النظام، وأدت في نهاية الأمر إلى تحولهم إلى فرق متقاتلة ضد بعضها البعض على حساب أهداف الثورة. وهو ما استغلته المؤسسة العسكرية جيدا وهي تخطط لانقلابها ضد الثورة، حيث استطاعت أن تجتذب التيار العلماني كاملا إلى جانبها ضد التيار الإسلامي. ورغم الدور المهم الذي لعبه العلمانيون في التمهيد للانقلاب وتنفيذه، إلا أن العسكر اعتبروا أن السلطة التي عادت إليهم هي ملك خالص لهم، ما يعني عدم السماح لقادة التيار العلماني بمشاركتهم إياها. وقد ظهر ذلك في التسريب الذي يتحدث فيه السيسي عن رفضه لترشح حمدين صباحي أو غيره للرئاسة. الأمر الثالث يتعلق بقرب زوال هذا الانقلاب، ويتضح هذا من التسريب الذي تحدث فيه السيسي عن ضرورة العمل على تحصينه بشكل شخصي في الدستور وهو أمر لم يحدث من قبل في أي وثيقة دستورية مصرية. ويشير إلى الخوف الذي ينتاب قادة الانقلاب من قرب المحاسبة على الجرائم التي ارتكبوها ضد أبناء الشعب. الأمر الرابع يتعلق بهذه التسريبات في حد ذاتها، فهي تدل بشكل واضح على أن هناك انقساما واضحا داخل المؤسسة العسكرية، كان من نتيجته قيام بعض الضباط بتسريب هذه الفيديوهات من أجل القضاء على هالة البطولة التي رسمها السيسي حول نفسه بعد الانقلاب. وهذا سيكون تمهيدا للتخلص منه بشكل كامل وانتهاء الانقلاب وعودة الشرعية.