12 سبتمبر 2025

تسجيل

موسم الهجرة إلى الكتب

18 سبتمبر 2023

عندما يقترب موسم معارض الكتب، ينتاب القراء وعشاق الثقافة شعورٌ مثيرٌ من الحماس والانتظار، فهذه المعارض تعتبر حدثًا ثقافيًا هامًا، حيث يتوافد الناس للاستمتاع بتجربة فريدة واكتشاف عالم جديد من الكتب والمعرفة، ومن خلال مشاركة دور النشر العربية بأحدث الإصدارات، تصبح هذه المعارض مناسبةً لتعزيز الثقافة وتوسيع آفاق المعرفة في المجتمع، بالإضافة إلى منافع أخرى لا يعرف لذة الانغماس في أجوائها إلا المعتاد على زيارة هذه المعارض دورياً. ومعرض الكتاب حدث سنوي ينتظره الكثيرون بشغف، حيث يُعَدُّ هذا الموسم فرصةً للقراء والمثقفين للوقوف على آخر الإصدارات العربية والعالمية، والتعرف على الكُتّاب والمؤلفين، والمشاركة في العديد من الفعاليات الثقافية المصاحبة، كما أن وجود هذه المعارض يسهم في تعزيز ثقافة القراءة وتشجيع الشباب تحديداً على الاستفادة من الكتب كمصدر رئيس للمعرفة والترفيه. ورغم أن دور النشر العربية تلعب دورًا حيويًا في معارض الكتب في بلدان الخليج، حيث تستغل هذه الفعالية لتسويق وتعريف القراء بأحدث إصداراتها، إلا أن دور النشر المحلية أصبحت تنافس الدور العربية في السنوات الأخيرة وتقدم مجموعات متنوعة من الكتب في مختلف المجالات، بما في ذلك الأدب، العلوم، الفنون، الثقافة، والتاريخ، كما توفر بيئة حيوية للقراء للاطلاع على الكتب واختيار ما يناسب اهتماماتهم ورغباتهم الثقافية. ولأننا نعيش هذه الأيام أجواء ترقب المعارض بدءا من معرض الرياض الدولي بعد أسابيع قليلة وانتهاء بمعرض الدوحة الولي في يناير المقبل مرورا بمعرض الشارقة والكويت الدوليين، فإننا، وكالعادة، نواجه سؤال الاختيار والتوصيات مما يظن فينا خيرا في مجال القراءة والكتابة والنشر. لكن وكالعادة أيضا نفشل دائما في مهمة التوصيات لسبب بسيط وهو أن القراءة ذوق شخصي بامتياز ولا تخضع غالبا للتوصيات الفردية إلا في العموميات، فعندما يختار القراء الكتب من المعارض، يتبعون مجموعة متنوعة من المعايير والاهتمامات الشخصية، وقد يتأثرون بالعناوين المعروضة، والأغلفة الجذابة، أو توصيات الأصدقاء والكتاب والإعلاميين والمؤثرين على هذا الصعيد، بالإضافة إلى المعرفة السابقة بالكتاب أو المؤلفين، فكثيرون يبحثون عن المؤلفين المفضلين لديهم ويسعون للحصول على أحدث أعمالهم، كما يمكن أن يكون لموضوعات معينة تأثير كبير في اختيار القراء للكتب من المعارض. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر معارض الكتب فرصة للتعلم والتثقيف، تقدم العديد من الفعاليات المصاحبة مثل الندوات والمحاضرات وورش العمل فرصة للمشاركة في مناقشات ثقافية وتبادل الأفكار مع الكتاب والمفكرين. يمكن للقراء أن يستفيدوا من هذه الفعاليات من خلال توسيع آفاقهم الثقافية وتطوير مهاراتهم ومعرفتهم. ورغم كل ما تشيعه أجواء المعارض من حماسة نحو الكتب ما زالت تهمة عدم القراءة توجه للشباب في بلداننا العربية رغم أن أكثر رواد تلك المعارض من شريحة الشباب والمراهقين أيضا، بغض النظر عن نوعية اختياراتهم من الكتب، فالمهم في البداية أنهم يتعلقون بهذا العالم الجميل حتى يصبح عادة من عاداتهم الحياتية، وبعدها لابد أن تتطور اختياراتهم وتنمو ذائقتهم بالمزيد من المران على صعيد القراءة. وهو ما لاحظته فعلا من خلال معايشتي لكثيرين من رواد معارض الكتب في العقدين الأخيرين من الشباب والمراهقين الذين بدأوا تجاربهم في القراءة بدايات متواضعة جدا، أثارت استياء الكثيرين، ولكن الدأب على التجربة ارتقى باختياراتهم لاحقا. ولذلك أنا متفائلة جدا لمشهد القراءة في نسختها العربية، وأحد أدلتي على ذلك تكاثر دور النشر العربية، ففي كل معرض جديد أكتشف المزيد من دور النشر الجديدة، وهذا يعني أن قطاع النشر منتعش بفضل الإقبال على القراءة، ومرة أخرى نقول بغض النظر عن نوعية هذه القراءة أو الكتب التي تطبع وتنشر، أو مستواها العام. فالمهم أن الكتاب ما زال بخير.