19 سبتمبر 2025

تسجيل

معهد شيلر يرسم خريطة طريق أخرى للبشرية

18 سبتمبر 2020

كنت في مقالي الأخير حللت مداخلات قيمة للمشاركين في مؤتمر السلام والتنمية ورفض الحرب الذي نظمه معهد "شيلر" للعلاقات الدولية عن طريق الاتصالات الرقمية يومي 5 و6 سبتمبر، وجمع نخبة من خيرة المسؤولين الكبار من كل أنحاء العالم وخاصة من أمريكا وروسيا والصين، وكنت أنا منذ الثمانينات من المدعوين دائما الى مؤتمرات المعهد، وربطتني صداقة بالسيدة (هلجا لاروش) مؤسسته ورئيسته، إلى درجة أنها قبلت رعاية ابني (الطيب) حسب تقاليدهم أي (MARRAINE) حين كان ابن معارض في الخامسة من عمره منفيا مثل أبيه، وألقيت على منبر مؤتمرات المعهد في كل من واشنطن وبون وباريس وروما ودوسلدورف مداخلاتي المضادة للاستبداد العربي المتلحف برداء (الخطر الأخضر) أي الإسلام كعدو، وكتبت مقالا في صحيفة (لوموند) أشهر يوميات فرنسا بعنوان LE PERIL VERT بينت فيه بالحجج أن تخويف الشعوب والغرب بعدو وهمي يعوض الشيوعية ما هو سوى أصل تجاري للهيمنة على العقول، وهو ما يهدد الأمن والسلام بحق ولعنت الإرهاب والإرهابيين، وأغلبهم مدسوسون وأدوات في أيدي مخابرات يمين متطرف وعنصري عربي وغربي بالتحالف بينهما، يأبى التعايش بين الحضارات والأديان، ويجند بعض الشباب المسلم بالمال وغسل العقول، ليجعل منهم قنابل موقوتة أو مسيرة عن بعد يفجرون أجسادهم في أسواق وثكنات وفنادق!. جاء هذا المؤتمر ليدعو الى انتهاج طريق ثالثة غير الليبرالية المتوحشة وغير الشيوعية الميتة وربما تكون مستوحاة من "طريق الحرير"، وهي العمود الفقري لنهضة الصين العملاقة وهي أيضا ما يسمى بالجسر العالمي الضخم الذي يربط بين القارات والشعوب بتبادل البضائع وإقرار التجارة العالمية العادلة دون الاعتماد على الدولار، والاستغناء تدريجيا عن الدور المشبوه والمؤدلج لصندوق النقد الدولي، الذي ليس لديه وصفة للتنمية سوى (سرحوا العمال وخفضوا من قيمة العملة الوطنية وبيعوا مؤسسات الدولة للخواص وفرطوا في مصانعها لرأس المال المستقل وارفعوا الدعم عن الخبز والمواد الأساسية!!). ونفس هذه النصائح "في الحقيقة هي الشروط لإسناد المزيد من القروض"، وهي التي أججت في أمريكا اللاتينية ومصر والمغرب وتونس ودول آسيا الوسطى ثورات سميت بثورات صندوق النقد الدولي، بينما من الله على بعض الشعوب بزعماء (لا رؤساء) تمردوا على شروط المذلة النقدية، ورفعوا هاماتهم ضد المنظومة الغربية المتوحشة الملقبة ظلما بالعالمية، ومن هذه الشعوب ماليزيا بمهاتير محمد، وتركيا برجب طيب أردوغان، وسنغافورة برئيسة حكومتها المسلمة المحجبة حليمة يعقوب، بالإضافة الى دول آسيوية مثل كوريا الجنوبية وأوروبية مثل فنلندا والسويد، وانطلقت طريق الحرير تقدم للعالم الثالث نموذجا ثوريا جديدا للتنمية. في حين تحولت منظومة (بريتن وودس) إلى مافيا عالمية لإرهاب الشعوب وإعادتها إلى بيت الطاعة، وفرضت ما يسمى (صفقة القرن)، لتصفية حقوق شعب عربي استمات في الدفاع عن حقوقه في كنف الشرعية الدولية والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. ويدعو بيان المؤتمر الى التخلي عن منهج السباق نحو الصدام المسلح الى سن منهج التعاون الدولي بالسلام واحترام حقوق الأمم وسيادتها، واتفق المشاركون على أن تهديدات وزير الخارجية الأمريكي الموجهة بوضوح لإيران وبالإيماء الى الصين وروسيا لا تخدم السلام والأمن، بل تمهد للمواجهات التي ستكون هذه المرة نووية!. وعرج المؤتمرون على ما سماه الرئيس ترامب بالمكاسب التاريخية، ممثلة في تطبيع العلاقات بين إسرائيل وأنظمة بعيدة عنها كالإمارات والبحرين، ونشرت صحيفة (ستراتيجيك ألرت) الناطقة باسم المؤتمر مقالا جاء فيه حرفيا "لا ليس ما وقع مكسبا تاريخيا كما نعته ترامب، لأنه مبني على الغش، فالامارات أعلنت أنها حصلت من نتنياهو على إلغاء ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية بينما وبعد لحظات أعلن رئيس الحكومة اليمينية الإسرائيلية أن الوعد للإمارات هو تأجيل الضم لا إلغاؤه"، وأضافت الصحيفة "إن استعداء الإمارات لجمهورية إيران بالقوة الإسرائيلية والأمريكية لن ينتج عنه سلام في المنطقة حسب تهديدات الحرس الثوري الإيراني، ملاحظة أن سياسة المحاور ستصعد النزاعات والأزمات في البحر الأبيض المتوسط حول تحديد الحدود والتنقيب عن الغاز مما يهدد دول حوض البحر المتوسط بكارثة حرب شاملة بين محور (اليونان - إسرائيل - مصر - أبوظبي - قبرص اليونانية) ومحور (تركيا والحكومة الشرعية الليبية وإيران) وكل من يرفض الهيمنة الإسرائيلية. [email protected]