02 نوفمبر 2025

تسجيل

نِعم الله وشكر الله

18 سبتمبر 2016

لا تعرف النعم عند كثير من الناس إلا عندما يفقدها أو يفقدها قريب أو عزيز، وعلى رأس تلك النعم نعمة الصحة والعافية وكما يقال الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى. وكما يقول الدكتور راتب النابلسي كان الرسول عليه الصلاة والسلام تعظم عنده النعمة مهما دقت، فإذا كان الإنسان يتمتع بحركته لا يحتاج إلى من يحمله فهذه نعمة القوة، يتمتع بسمعه وبصره، له سمعة طيبة، ليس عليه بطاقة بحث، ليس مطلوباً للعدالة، عنده بيت يأوي إليه؛ فهذه النعم إذا شكرتها قيدتها، أما إذا تجاهلتها، وندبت حظك للذي لم تحصل عليه فقد كفرت، لذلك إذا أراد الله عز وجل إتمام نعمته على عبده عرفه نعمته الحاضرة، لو أنك أحصيت النعم التي أنت فيها فهي نعم لا تعد ولا تحصى، فأي خلل في جسمك يجعل الحياة جحيماً لا يطاق.والحق أقول ان محنة المرض التي تتعرض لها أمي هذه الأيام جعلتني أفكر جليا كم أن هذا الإنسان ضعيف جداً، رغم إنه يبدو أمامنا قويا جبارا يملك الدنيا وما فيها، ومرض بسيط قادرعلى هزيمته بل وتحويله الى مجرد ملف وأرقام على شاشات في المشفى؛ رقم جهاز نبض القلب، رقم نسبة السكر في الدم، ورقم درجة الأكسجين في دمه، وصور أشعة على أماكن يظن الأطباء أن بها خللا.وكما أن المرض ابتلاء من رب العالمين فهو ايضا محنة يختبر فيها الناس، بين شاكر وحامد لكل ما يأتي به الله، وبين آخر لم يكن يدرك عن هذا اليوم الذي تسلب فيه قوته ويصبح رهينا في فراشه معلقا برحمة من الله صاحب الشفاء الرحيم الرحمن جلت قدرته.وفي المرض ايضا تعرف من يحبك ويتمنى لك الخير ومن تخلى عنك حين عرف ما ألم بك من وعكة، وفي المرض تظهر النفوس البشرية على حقيقتها.لذا فإن النعم التي منحنا إياها رب العالمين لا تعد ولا تحصى، ويخشى الكثيرون أن تذهب بعيداً عنهم وهنا تكون البشرى كما يقول الدكتور النابسلي مرة أخرى إن النعم تشرد بالمعصية، وتقيد بالشكر، فالشكر قيد، فإذا كنت في حيوية، في صحة، في وفاق أسري، عندك أولاد أبرار، عندك زوجة صالحة، لك دخل جيد، إذا كنت شاكراً لهذه النعمة فاطمأن، فأنت في ازدياد، أما إذا تجاهلت نعم الله عليك، تجاهلت نعمة الأمن، تجاهلت نعمة الصحة، نعمة الفراغ، نعمة الأمن التي لا تعدلها نعمة لقوله تعالى ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ فإذا هربت منك النعم وزالت فساعتها ستندم وقت لا ينفع الندم.وأخيراً، ربما عرفت الآن لماذا أمرنا الاسلام بزيارة المريض فالظاهر لنا ان ذلك يأتي من باب صلة القربى أو الجيرة في المسكن أو الزمالة في العمل والتراحم فيما بيننا، وأقول ليس هذا فحسب، وإنما يأتي من باب أن نعرف نعم الله التي أسبغها علينا ونعرف اننا أفضل من ملايين غيرنا يتمنون أن تزول كل أموالهم وتزول كل ديارهم وسياراتهم الفارهة، من أجل أن يستطيع كل منهم المشي على قدميه مرة أخرى أو يرد اليه بصره الذي فقده أو يستطيع أن يأكل قطعة خبز بدون اجهزة أو خراطيم تغذيه.أعزائي.. أسألكم الدعاء لأمي فهي الآن تحت رحمة رب العالمين، اللهم نسألك برها ونسألك أن تطهرها وترحمها رحمة واسعة من عندك، اللهم لاتجعل لها ذنبا إلا غفرته لها يا أرحم الراحمين.فالحمد لله على كل نعم الله التي لا تعد ولا تحصى وكما يقول الله سبحانه وتعالى ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ وسلامتكم.