14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); حتى لا ينطبق علينا مثل أولئك القوم الذين خسروا إبلهم بعد أن اكتفوا بإمطار اللصوص بوابل من الشتائم ربما حان الوقت لفهم أن الجانب الإسرائيلي بمختلف تلاوينه الأيدولوجية لا يثنيه عن مشاريعه التوسعية إلا معرفته بأن هناك ثمنا باهظا لما يقوم به من توسع، فإسرائيل اليمينية لا تخشى من ولا تخشى على السلطة الفلسطينية وإنما تعمل وفقا لمبدأ الربح والخسارة. فكل الشتائم الموجودة في كل القواميس المعروفة لا تغير من الواقع شيئا لأن هناك في إسرائيل من يعتقد بأن ثمة فرصة مواتية للانقضاض على تنظيم "الأمر الواقع" السائد في القدس منذ عام 1967. بمعنى أن حكومة نتنياهو تشجع قطعان المستوطنين على تغيير قواعد اللعبة المعروفة وتحديدا في باحة المسجد الأقصى ولا تكترث بموقف الفلسطينيين ومن يقف معهم.وربما لا نذيع سرا عندما نؤكد أن إسرائيل التوسعية لا تقيم وزنا لأي اعتراض على سياساتها لكنها دولة تفهم لغة الربح والخسارة وأن الأمر الوحيد الذي يحركها ليس الخجل والأخلاق وإنما انتهاز الفرص السانحة، فهي تمضي في سياسات يدينها العالم لأنها لا تدفع ثمنا لما تقوم به، وما كان موقفها سيكون كذلك لو أن هناك من يرفع من كلفة الاحتلال.لن يفيد شيئا أن يستمر الطرف العربي بالاعتراض والاستهجان والإدانة أو حتى التهديد، فهذا الأردن يحذر من أن استمرار إسرائيل في أعمالها الاستفزازية في القدس سيؤثر سلبا على العلاقات الثنائية بين البلدين، لكن هذا الموقف لن يقنع مستوطنا متطرفا واحدا بأن هناك على الجانب العربي من هو مستعد للتحرك أبعد من الكلام! ومع ذلك يقوم يؤكد نتنياهو على حرصه على علاقات جيدة مع الأردن، والمفارقة تتجلى هنا بأبشع صورها عندما ينبري نتنياهو بالتأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد رماة الحجارة وكأن رماة الحجارة يحاصرون تل أبيب!شاهدنا هذا الفيلم من قبل، تقوم إسرائيل بأعمال استفزازية في القدس مثل إقامة مستوطنة جبل أبو غنيم أو فتح نفق المدينة القديمة أو تسمين المستوطنات في معاليه أدوميم وفي داخل القدس ثم يحتج العرب والفلسطينيون لتهدأ إسرائيل لكن بعد أن تكون حققت مكتسبات على الأرض، فنظرة واحدة سريعة على جنوب القدس تبين أن جبل أبو غنيم الذي كان عاريا في عام 1996 أصبح جبلا تعلوه الوحدات السكنية الصهيونية، والأنكى أن الجانب العربي والفلسطيني نسي الأمر منذ أمد وأصبح وجود الإسرائيليين في جبل أبو غنيم أمرا واقعا.تاريخ حركات التحرر في العالم يعلمنا شيئا هاما وهو أن المحتل يحزم حقائبه ويرحل عندما تتمكن المقاومة من رفع كلفة الاحتلال، لكن عندما تدب الخلافات داخل حركات التحرر فإن الاستعمار أو الاحتلال يتمكن في العادة من رفع كلفة المقاومة وبالتالي ينتصر، ربما هذا هو الدرس الوحيد الذي ما زلنا بحاجة إلى استبطانه، ولعل الجانب الفلسطيني هو الأكثر تأثرا بذلك وعليه أن يتحرك وفقا لهذا المنطق الذي بات يعرفه الرضيع قبل الكهل من بين العرب. أما المضيّ في صراع سوريالي على السلطة بين حماس وفتح والاستمرار في التغاضي عن أهمية وجود إستراتيجية موحدة لكل فصائل الطرف الفلسطيني لهو أمر صعب على المرء استيعابه، فكيف يستمر الجانب الفلسطيني في لعبة داخلية سقيمة لا تخدم سوى الاحتلال الإسرائيلي؟!المتابع للنقاش الداخلي في إسرائيل يلاحظ أن مختلف التيارات الإسرائيلية تناقش الأمر من زاوية مصالح إسرائيل في إقليم متغير، فالجميع مؤمن بقضيته والطريقة المثلى لحل الخلافات حول ما ينبغي على إسرائيل القيام به هي صناديق الاقتراع واحترام النتائج. لا يحدث هذا على الطرف الآخر من الصراع لذلك ينتاب الفصائل المختلفة الشكوك ليس من إسرائيل للأسف ولكن من بعضها البعض، وفي بعض الأحيان يشعر المراقب أن حدة عداء السلطة الفلسطينية لحماس هو أشد من عدائها لإسرائيل المحتلة.. وحتى لا نكون كالنعامة التي تدس رأسها في الرمال على أمل أن لا يراها الأسد فعلينا أن نتفهم أن هناك انكشافا إستراتيجيا يعاني منه العرب حاليا ربما يوفر لإسرائيل فرصة لتنفيذ مخططات ما كانت لتفكر فيها في السابق.ما يجري الآن يقودنا إلى نتيجة واحدة وهي ضرورة التوقف عن مناصبة العداء لبعضنا البعض، فلا يمكن فهم السكوت على حصار غزة إلا في سياق التواطؤ مع إسرائيل، كما لا يمكن تفهم استمرار الانقسام الفلسطيني إلا في سياق الصراع على سلطة غير موجودة في الأساس وهو ما يخدم الجانب الإسرائيلي الذي تمتثل له السلطة الفلسطينية بالكامل وتتذرع بموقفه لتبرير استمرار الانقسام بدلا من التمرد على شروط الاحتلال والانتفاضة على الأمر القائم.بكلمة، لا يوجد هناك ما يمنع إسرائيل أو يردعها من القيام بتغيير "الأمر الواقع" في باحة الأقصى سوى موقف عربي وفلسطيني موّحد يضع من رفع كلفة الاحتلال هدفا له ويضع إستراتيجية متوافقا عليها لتحقيق هذا الهدف، فالأمر لم يعد ممكنا السكوت عليه ولم يعد ممكنا الاكتفاء بشتم اللصوص وترك الجمل بما حمل لهم.