14 سبتمبر 2025
تسجيلمرة أخرى تطفئ الدبلوماسية القطرية فتيل أزمة منذرة بالأخطار ما بين الولايات المتحدة والجمهورية الإيرانية. مرة أخرى تؤكد دولة قطر نجاعة وساطتها الخيرة من أجل السلام والأمن في المنطقة وفي العالم. نقول مرة أخرى لأن دولة قطر ما إن أنهت صراع العشرين سنة بين أفغانستان وأمريكا حتى تصدت بالخير لإطفاء فتيل آخر كان سيؤدي الى مخاطر عديدة تتمثل في الأرصدة الإيرانية المجمدة في الخارج بمفعول العقوبات التي فرضتها واشنطن منذ سنوات على إيران وتتمثل أيضا في مساجين الطرفين لدى كليهما وانتظمت في الدوحة مفاوضات غير مباشرة بين الدولتين برعاية معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية وبتوجيه مستمر من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد حفظه الله حرصا من سموه على أداء أمانة السلام الدولي ولم يكن ذلك متاحا لولا السمعة العالية التي تتمتع بها دولة قطر في مجال العلاقات الدولية وهي التي تحافظ على علاقات التعاون والاحترام مع واشنطن وطهران. واعتبرت الخارجية القطرية الثلاثاء الماضي أن جهود الوساطة التي بذلتها الدوحة أفضت إلى التوافق بين الولايات المتحدة وإيران والتوصل لاتفاق تبادل السجناء بينهما. جاء ذلك في بيان لمتحدث الوزارة الدكتور ماجد بن محمد الأنصاري أبرز خلاله أهمية الدور "الحيوي والموثوق" الذي لعبته قطر من أجل تحقيق التوافق بين واشنطن وطهران وقال إن قطر "باعتبارها وسيطا دوليا موثوقا وحاسما وحيويا، قامت بدور كبير وفعال لتحقيق التوافق بين الجانبين"، مؤكدا على أن الدوحة "ستواصل جهودها في مختلف الملفات أملا في أن يفضي هذا الاتفاق إلى تفاهمات أكبر تتعلق بالملف النووي الإيراني". وأضاف: "قطر ترى أن التوصل لاتفاق مع إيران بشأن الملف النووي أمر ضروري لأمن المنطقة بشكل عام وأشار إلى أن قطر حرصت خلال دور الوساطة بين واشنطن وطهران على "وضع ضوابط واقعية مقبولة للطرفين لرد الأموال المجمدة الخاصة بإيران لافتا إلى إيمان قطر الدائم بـ"ضرورة حل الخلافات بالطرق السلمية وهو ما يتوافق مع مبادئها الأساسية في سياستها الخارجية وتابع: "المنطقة مثقلة بالأزمات ومن الطبيعي أن تنبري دول المنطقة وعلى رأسها قطر في محاولات التهدئة وتجنيب شعوبها تبعات الصراعات. وأوضح الأنصاري أن الاتفاق بين واشنطن وطهران سبقته زيارات مكثفة لمسؤولين قطريين إلى البلدين ولقاءات مباشرة وغير مباشرة للوصول إلى هذه "النتيجة المبشرة"، وفقا للمصدر ذاته كما نوه المسؤول القطري إلى أن الدور الذي لعبته بلاده في مسار هذا الاتفاق "لم يكن بمعزل عن الجهود الدولية الأخرى بل كان متناغما ومتزامنا مع جهود سلطنة عمان والوسيط الأوروبي". ولم يفت الدكتور الأنصاري الإشارة الى اهتمام حضرة صاحب السمو أمير البلاد بملفات حارقة أخرى تأمل قطر أن تجد لها حلولا أو تساهم مع غيرها من الدول والمنظمات الأممية في حلحلتها مثل ملف بوادر الحرب الأهلية السودانية ومخاطر انقسام السودان الشقيق الى دويلات ضعيفة ومثل ملف الأزمات ما بين دول افريقية جنوب الصحراء حول مدى علاقاتها ببعضها وبالدول الأوروبية". ومن جهته أكد محافظ المصرف المركزي الإيراني محمد رضا فرزين أنه تم الإفراج عن جميع الأرصدة الإيرانية المجمّدة في كوريا الجنوبية موضحا أنها ستودع باليورو قريبا في حسابات 6 بنوك إيرانية على خلفية الاتفاق وكان نائب وزير الخارجية الإيرانية وكبير المفاوضين الإيرانيين علي بكيري أعلن أنه سيتم إطلاق سراح العديد من مواطنيه المحتجزين في الولايات المتحدة إضافة إلى رفع الحظر عن أموال طهران المجمدة ومن الجانب الأمريكي جاء التصريح تزامنا مع إعلان متحدثة مجلس الأمن القومي الأمريكي في البيت الأبيض أدريان واتسون، بأن إيران نقلت 5 أمريكيين من السجن إلى الإقامة الجبرية قبيل مفاوضات إطلاق سراحهم. واستخلاصا للعبرة نلاحظ أن الدبلوماسية القطرية تواصل مسيرتها الرائدة والمظفرة بفضل ارتكازها على المبادئ والقيم الأممية والأخلاقية لا فقط على المصالح والحسابات وهو ما رفع راية قطر عالية بين الأمم ومكنها من منزلة الدولة الأممية كما وصفها السيد غوتيريش الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة من سنوات. [email protected]