17 سبتمبر 2025

تسجيل

العبادي.. رئيس لا يضر ولا ينفع ؟

18 أغسطس 2014

في واحد من أطرف التعليقات والتسميات في تاريخ العمل الإعلامي العراقي وصف شيخ الصحافة العراقية الأستاذ حسن العلوي رئيس الحكومة العراقية الجديد الدعوي حيدر العبادي بقوله (إنه مثل خشب المرفع لا يضر ولا ينفع)! وقال العلوي هذا الكلام قبل شهور بعد أن تهجم العبادي على شخص العلوي واصفا إياه بكونه بوقا من أبواق صدام حسين متناسيا كون الأستاذ العلوي من أوائل المنشقين عن نظام البعث عام 1981 كما لعب دورا إعلاميا كبيرا وجبارا في مقارعة نظام صدام حسين طيلة أكثر من ثلاثين عاما ونيف، إضافة لشهرة السيد العلوي الواسعة في الشأن العراقي وكتبه العديدة والمتنوعة والشهيرة التي فضحت النظام السابق وملأت رفوف المكتبات العربية، دون تجاهل دوره البارز في صحف المعارضة العراقية ومنها صحيفة المؤتمر الذي رأس تحريرها خلال السنوات الأخيرة من عمر نظام صدام الذي كان. حيدر العبادي الذي تهجم وقتها بقلة ذوق وأدب على تاريخ السيد العلوي لم يكن يتصور بأن أيام ودهاليز العراق ستجعله وتحوله رئيسا للحكومة العراقية في طفرة وراثية شبيهة بطفرة نوري المالكي القادم من أعماق ريف دمشق ليكون مديرا لمدرسة كما اشتهى وتمنى فإذا بأقدار العراق ورغبات الرفاق في واشنطن وطهران تحوله رئيسا للوزراء كان تاريخيا هو الأفشل في تاريخ العراق المعاصر. السيد حيدر العبادي من الأعضاء العاديين في حزب الدعوة المتلاشي وقد عاش وعمل في لندن وكان مبعوثا للدراسة على نفقة حكومة صدام حسين بما يعني ذلك الابتعاث من نقاء سيرة المبتعث للخارج من أي موقف معاد للحكومة العراقية خصوصا وأن المخابرات العراقية كانت تدرس ملفات الجميع قبل تقديم أي خدمة.. وأعتقد أن قصة إرسال العبادي للدراسة العليا في بريطانيا تؤكد وتدعم نظرية كون النظام البعثي العراقي السابق رغم إجراميته وعنفه لم يكن طائفيا بالمرة وإلا كيف أرسل شخصا طائفيا دعويا ينتمي لحزب إرهابي طائفي موال للخميني للبعثة الدراسية في بريطانيا؟ وأتمنى أن يجيبنا العبادي على هذا التساؤل قبل أن يغمز من قناة أستاذنا حسن العلوي الذي دخل سجون البعث وعانى ما عانى من تشريد ومحاولات قتل بينما لم يدخل العبادي أي سجن عراقي ولو لدقيقة واحدة في حياته ثم يخرج علينا رافعا شعارات البطولات الوهمية ضد نظام استفاد منه هو شخصيا أكثر من أي طرف آخر! إنه النفاق العراقي وقد تجلى في شخص رئيس حكومة "بدل الفاقد" العراقية؟ وإذا كان حيدر العبادي المكلف اليوم بقيادة العراق نحو بر الأمان ينحو هذا المنحى في مهاجمة الآخرين والمعارضين لسياسته فهو أمر يؤكد بأن عقلية حزب الدعوة الإقصائية تظل هي سيدة الموقف، وبأن العقلية السلطوية المتخلفة للمالكي خريج سراديب المخابرات السورية لا تختلف عن عقلية الذي تخرج من مصانع لندن! فالمنهج الفكري والعقلية الطائفية واحدة، العبادي هو نتيجة من نتائج الأزمة التي ضربت العراق بعد قيادة حزب الدعوة للحكومة، فهذا الحزب الطائفي الفاشي لا يمكن له أبداً ولا لقياداته وأتباعه أن يكون محورا لأي مصالحة وطنية عراقية حقيقية، ووثوب السيد العبادي على السلطة العراقية وإزاحة المالكي لم يكن بسبب كفاح ونضال السيد العبادي ولا قدراته القيادية فهو كان نكرة بالكامل أيام المعارضة العراقية ولم يكن اسما بارزا من أسمائها، وليس له تاريخ وطني معارض معروف، ولم يكن يمتلك موقفا وطنيا واضحا، إنه تماما كما قال حسن العلوي مثل خشب المرفع لا يضر ولا ينفع! وهو بالتالي كان مجرد شخص قادته الصدفة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وإصلاح الضرر الكبير لسياسات نوري المالكي الذي لم يكن يتصور يوما ما بأن العبادي سيكون خليفته!! ولكنها إرادة الرفاق المؤلفة قلوبهم في طهران ولندن وواشنطن.. العراق اليوم يباع علنا في أسواق النخاسة الدولية، فالقيادات الفارغة الطارئة ليست سوى فواصل عابرة في مشاهد تاريخية واسعة ومتغيرة ستعيد رسم خارطة مشهد إدارة الصراع في العراق والشرق برمته.. العبادي مجرد مرحلة عابرة في زمن عراقي صعب.. إنه فعلا الرئيس الذي لا يضر ولا ينفع وهو يقف اليوم أمام امتحان التاريخ.