14 سبتمبر 2025
تسجيلكلنا أو أكثرنا يتذمر أو يمتلئ ضيقا وحنقا إذا فقد مالا أو فشل في تجارة أو لم يحقق شيئا كان يوده مثل شراء بيت أحبه أو سيارة حلم بها أو حتى شهادة دراسية لم يوفق في الحصول عليها، ويظن ساعتها أن الحياة قد توقفت وأن أحلامه قد تحطمت متناسيا أن كل ما يفعله الله مع عباده خير حتى لو لم يفهمه في حينه، ولنا في قصة كليم الله سيدنا موسى مع سيدنا الخضر عليهما السلام العظة والعبرة، وكلنا نعلمها وكيف أن سيدنا موسى عليه السلام ظن بالرجل الظنون وهو يقتل ويقيم جدارا، ويخرق سفينة رغم أن الخير كان في كل ما فعله ومؤخرا قرأت قصة من التراث العربي وودت أن أنقلها اليكم اعزائي القراء، ويحكى أن ملكا كان لديه وزير حكيم... وكان هذا الوزير كلما ألمّت مصيبة بالملك أو بالمملكة يهون على ملكه ويقول له لعله خير يا مولاي... فلا أحد يعرف ما هو مقدر له مما تحمله الأيام لنا، قد نراه شرا ويكون الخير فيه وقد نرى الخير في سبيل آخر ويكون الشر فيه... الى أن جاء يوم وضاق الملك ذرعا من كلمة وزيره والتي هي (لعله خير) حيث كان الملك ينظف سيفه واذا به يقطع اصبعا من أصابع يديه.. فجاء وزيره يزوره ويطمئن عليه وقال له لا بأس عليك يا مولاي ولعله خير لك... فثار غضب الملك وقال له أمجنون أنت أيها الوزير؟؟؟ وأين الخير بأن تقطع اصبعي وأمر بسجن وزيره... فقال الوزير والجنود يذهبون به الى السجن (لعله خير)، وبعد مدة كان الملك في رحلة صيد وإذا بقبيلة بدائية تمسك بالملك وتذهب به مكبلا الى حيث تقيم حيث أرادوا أن يقدموه قربانا لآلهتهم فأعدوا النار لكي يحرقوا هذا الملك...فكبلوه وأوثقوه وإذا بهم يرون أن اصبعه مقطوعة ولا يصلح لئن يكون قربانا فأطلقوا سراحه... وهو في طريق عودته عرف ان قطع اصبعه كان خيرا له... وتذكر كلمة وزيره (لعله خير) فعاد الى مملكته وأطلق سراح وزيره واعتذر له.. وحكى له ما جرى معه في رحلته وقال له أما الخير الذي أصابني من قطع اصبعي فعرفته... فما الخير الذي أصابك من سجني لك أيها الوزير... فضحك الوزير وقال لو لم تسجني يا مولاي لكنت معك في رحلتك هذه ولأخذوني عوضا عنك قربانا.... فضحك الملك وعرف قيمة هذه الكلمة لعله خير. اذن هي دعوة للرضا والعمل بإتقان وليس الخنوع ولا التواكل فقد روى عن الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال: "ما كنتُ على حال من حالات الدنيا فيسرني أني على غيرها"، ومما حُفظ عنه قوله: "أصبحت وما لي سرورٌ إلا في مواضع القضاء والقدر". واشتُهرت عنه دعواتٍ كان يُكثر من تردادها: اللهم رضّني بقضائك، وبارك لي في قدرك، حتى لا أُحب تعجيل شيء أخّرته، ولا تأخير شيء عجّلته". وعن رجل من التابعين انه سمعُ رجلاً مبتلى من هؤلاء الزمنى — أي من كان مرضهم مزمناً — يقول: وعزتك لو أمرت الهوام فقسمتني مُضَغاً ما ازددت لك بتوفيقك إلا صبراً، وعنك بمنّك ونعمتك إلا رضا " وكان الجُذام قد قطّع يديه ورجليه وعامّة بدنه. فالحمد لله على حالنا والحمد لله على ما اراده الله لنا فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم، وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم، عزيزي القارئ انت تريد وأنا أريد والله يفعل مايريد، فالله الآمر من قبل ومن بعد انه نعم المولى ونعم النصير.