13 سبتمبر 2025

تسجيل

أصبت قلب الحقيقة يا صاحب السمو

18 يوليو 2022

من الشرق والغرب اتفقت وسائل الإعلام الأمينة على أن خطاب حضرة صاحب السمو أمير قطر في قمة "الأمن والتنمية" بجدة كان وثيقة وخطة عمل جمعت المواقف التي حرصت دبلوماسية قطر على التعلق بها والدفاع عنها والإصداح بها في كل مناسبة لأنها تنطلق من الشرعية الدولية، وتذكر جميع أطراف الأزمة الشرق أوسطية بأن العرب قوم مسالمون وبأن خطة الملك عبد الله رحمه الله لعام 2002 ما تزال مطروحة على إسرائيل وعلى من يناصر احتلالها وهي الخطة التي تعرض السلام الدائم والأمن الإقليمي على دولة الاحتلال مقابل مجرد تنفيذ قرارات مجلس الأمن بإيقاف الاحتلال والاستيطان والقبول بالحل الوحيد الممكن الذي دعا إليه العالم بأسره أي حل الدولتين بعاصمة واحدة بين شرقية وغربية، وقد كان حضرة صاحب السمو شديد الوضوح حين ربط بين هذا الحل المعتمد على إرادة القانون الدولي وبين إنهاء الأزمات بجرأة عوض انتهاج سبيل المراوغات ومواصلة قمع شعب فلسطيني بقتل أطفاله وإعلامييه واغتيال مقاوميه، مذكرا سموه بأن هذا هو الحل الأمثل والدائم والعادل لقضية أصر سموه على نعتها بالمركزية للعالمين العربي والإسلامي، فجاء خطابه حفظه الله ورعاه كما لاحظت صحيفة أمريكية تعبيرا صادقا عن ضمير الأمة العربية الإسلامية وبيانا لما يضمن عنوان قمة جدة أي الأمن والتنمية، حين قال سموه: " ينعقد هذا الاجتماع المهم في ظل ما يواجهه العالم من تحديات تضع على المحك قدرات المجتمع الدولي في تعزيز التعاون بين الدول لإيجاد حلول عادلة وواقعية للقضايا العالمية باحترام ما استقر في وجدان البشرية من قيم وأعراف ويدرك الجميع أنه لا أمن ولا استقرار ولا تنمية في ظل النزاعات وإن احتكام أطراف النزاعات لأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة يوفر على شعوبها وعلى الإنسانية جمعاء الكثير من الضحايا والمآسي. وحلل صاحب السمو محدودية تطبيق هذا القانون الدولي فقال: "ولكن كما هو معروف فإن القانون الدولي هو قانون عرفي لا يُلزِم إلا من تدفعه مبادئه أو محدوديةُ قدراتِه للالتزام به. ومنذ نهاية الحرب الباردة تتحاور الدول حول ضرورة وجود تحالفات لقوى دولية ملتزمة بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقادرة على فرض هيبتهما على نحو غير انتقائي بحيث لا تُخضَع لمصالح دول بعينها أو توجهاتها الأيديولوجية ولم يفلح المجتمع الدولي في ذلك حتى الآن وندرك جميعاً أن الأزمات والحروب في أي منطقة تؤثر على العالم بأسره. وللحرب في أوكرانيا ضحايا مباشرون وغير مباشرين. فقد ساهمت هذه الحرب في مفاقمة أزمة اقتصادية قد تؤدي إلى كوارث إنسانية، ولا سيما في حالة الدول النامية المستوردة للغذاء والنفط" وألمح سموه إلى أهمية العلاقات مع الشريك الأمريكي وضرورة تعميقها والحفاظ عليها مضيفا أن تحقيق الاستقرار في منطقة الخليج ضروري ليس لها فحسب بل للمجتمع الدولي بأسره. وأكد صاحب السمو على موقف قطر الثابت بتجنيب منطقة الخليج والشرق الأوسط عموماً مخاطر التسلح النووي مع الإقرار بحق دول المنطقة في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية وفقاً للقواعد الدولية كما أكد سموه على ضرورة حل الخلافات في منطقتنا بالحوار القائم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وتعزيز المصالح المشتركة والمشاركة في تحمل المسؤوليات. ومن أهم فقرات الخطاب الأميري تحليله للملف الفلسطيني بعمق وصدق حيث قال حفظه الله: "إن المخاطر التي تحدق بمنطقة الشرق الأوسط في ظل الوضع الدولي المتوتر تتطلّب إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية التي تشغل مكانة مركزية لدى شعوب عالمينا العربي والإسلامي وقوى السلام في العالم أجمع، لأنها قضية عادلة وذات حمولة رمزية كثيفة في الوقت ذاته. وسيظل أهم مصادر التوتر وعدم الاستقرار قائماً ما لم تتوقف إسرائيل عن ممارساتها وانتهاكاتها للقانون الدولي المتمثلة في بناء المستوطنات وتغيير طابع مدينة القدس واستمرار فرض الحصار على غزة. ولم يعد ممكناً تفهم استمرار الاحتلال بسبب السياسات الانتقائية في تطبيق قرارات الشـرعية الدولية، وتفضيل سياسات القوة وفرض الأمر الواقع على مبادئ العدالة والإنصاف. مضيفا أن إجماع الدول العربية قاطبة على مبادرة سلام عربية تعرب عن الاستعداد لتطبيع العلاقات معها جميعاً إذا وافقت إسرائيل على تسوية بناء على قرارات الشرعية الدولية التي تقضي بالانسحاب إلى حدود عام 1967 ضمن اتفاقية السلام ولا يصح أن نتخلى عن مبادراتنا لمجرد أن إسرائيل ترفضها ولا يجوز أن يكون دور العرب اقتراح التسويات، ودور إسرائيل رفضها والزيادة في التعنت كلما قدم العرب تنازلات. وكما أن لإسرائيل رأيا عاما، فإن لدينا أيضاً في العالم العربي رأينا العام فإننا نتطلع إلى دور فعال للولايات المتحدة في الدعوة إلى مفاوضات جادة لتسوية القضية الفلسطينية، وفق قرارات الشـرعية الدولية وعلى أساس مبدأ حل الدولتين الذي توافق عليه المجتمع الدولي، بحيث لا يكون المقصود تفاوضاً من أجل التفاوض ولا لإيهام أنفسنا أنه ثمة عملية سلام جارية" ومن جهة أخرى لم ينس سموه أزمات اليمن وسوريا وليبيا مقدما أقوم المسالك لحلها بنفس روح العدل وعدم التدخل في شؤون هذه الدول وبذلك اكتملت رؤية حضرة صاحب السمو لأكثر الأزمات خطرا على الأمن والسلام في العالم اليوم.