17 سبتمبر 2025
تسجيللماذا يكون بعض الناس أكثر نجاحًا من غيرهم؟ بعد إيماننا بحكمة الله، هناك تفسيران فقط: الموهبة والجهد. فالموهبة تتعلق بالقدرات والمهارات والخبرة التي تحدد ما يمكن أن يفعله الشخص، بينما يتعلق الجهد بالدرجة التي ينشر بها الشخص مواهبه تلك. من الواضح أن بعض الأشخاص موهوبون ويعملون بجد، ولكن يمكن للموهبة أن تجعل الناس كسالى لأنهم بحاجة إلى الاعتماد بشكل أقل على العمل الجاد لتحقيق نفس الهدف؛ فهم يعتمدون على موهبتهم. وفي الجانب الآخر يساعد الاجتهاد والعمل الجاد الأشخاص العاديين على تعويض المستويات المنخفضة من المواهب؛ لعل وعسى أن تقل الفجوة بين الفريقين. لكن هل سوق العمل يحتاج إلى موهبة أم إلى اجتهاد وعمل دؤوب؟ ما مدى أهمية الموهبة في الواقع؟ في عام 2000 قدمت McKinsey فكرة الحرب على المواهب، بينت كيف يعاني الأشخاص الموهوبون في سبيل طرح أو تطبيق أفكارهم الإبداعية في المدرسة أو المؤسسة أو الوزارة التي يعملون بها، فمعظم المنظمات تحبط الموهوبين من أفرادها وتقتل الاقتراحات أو الممارسات الإبداعية الجديدة والغريبة على النظام والروتين السائد، وتوسمهم بسمة ما يطرحونه من أفكار، على سبيل المثال: أظهر تقرير حديث عن الصناعة أعدته شركة Deloitte، استنادًا إلى دراسة استطلاعية على أكثر من 2500 مدير من 90 دولة أن معظم أصحاب العمل غير مستعدين للتعامل مع الأفكار الجديدة ولا يرغبون في استحداث ممارسات غير مجربة، قد لا يكون لها جدوى اقتصادية على العمل. ظهرت صيحات مؤخراً من أجل اتباع نهج الجماعة في إدارة المواهب، وعدم تعظيم الأفراد المميزين أو النجوم اللامعين في المدرسة أو الجامعة أو المؤسسة. علاوة على ذلك، ركز بعض الباحثين مؤخرًا من أجل اتباع نهج أكثر جماعية لإدارة المواهب، مما يشير إلى أن النجوم الفردية أقل أهمية مما كان يعتقد سابقًا، وأن دفع مبالغ زائدة لهم قد يضر بأداء الفريق. المغزى: هل من المجدي صرف الأموال الطائلة على المهارات الفردية الاستثنائية؟ في الواقع، يفترض الكثير من معلمي التعليم العام والجامعي أنه من الصعب إدارة فريق من الطلبة اللامعين والموهوبين بشكل خاص؛ فهو يحتاج إلى جهود استثنائية خارقة، ومن المرجح أن يفتقر إلى "التآزر"، وعليه ستصبح العملية مكلفة اقتصادياً وغير مرغوبة في ظل الظروف الحالية. السؤال: هل يجب أن تتوقف الشركات والمؤسسات عن التركيز على المواهب والموهوبين؟ هل الأشخاص الموهوبون يمكن أن ينتجوا إنتاجاً غير مواهبهم؟ في الواقع العملي فإن القليل من الموهوبين يُحدثون فرقًا كبيرًا. هذه واحدة من أكثر النتائج تكرارًا في البحوث التربوية والإدارية والاقتصادية، في أي منظمة أو مجموعة، سيقدم عدد قليل من الأشخاص مساهمة استثنائية غير متناسبة مع ما يقدمه بقية الطلبة في المدرسة أو الجامعة أو مع بقية الموظفين في المؤسسة أو الوزارة. أظهرت الدراسات في الناتج الجماعي أن حوالي 20% من الأفراد مسؤولون عن 80% من الناتج والعكس صحيح، وأن هذه النتيجة تنطبق على أي مجال من مجالات الأداء تقريبًا. كما أوضحت أدبيات التربية تأثير هذه المعادلة نجاح المشاريع والابتكارات ومعدلات الإنتاجية، بل بعضها أظهر نتائج مبهرة عندما توصل إلى أن 20% من الأفراد (أو أقل) يقدمون ما بين 80 و 98% من الأداء. إذا فإن الموهوبين -القلة الحيوية- هم المحرك الرئيسي لنجاح التعليم المميز أو تألق الشركة التي يعملون بها، وستشهد الشركات عوائد أعلى بكثير على استثماراتها إذا كرست المزيد من الموارد لعدد قليل من الأشخاص الذين يحدثون فرقًا كبيرًا، بدلاً من محاولة صنع (بيع رخيص لكنه كثير). حديثا، لا يختلف التربويون على أن الموهبة سهلة القياس والتنبؤ، ويبلغ عمر علم قياس وتحديد المواهب 100 عام على الأقل، وهناك العديد من البطاريات والأساليب الموثوقة لتحديد الإمكانات والقدرات والتنبؤ بالسلوك المستقبلي للمواهب، على الرغم من أن معظم الشركات الكبرى العربية والعالمية كانت تضيع وقتًا هائلاً في الخروج بنماذجها الخاصة من المواهب، إلا أنهم يبالغون في تعقيد الأمور، وسيكون من الأفضل لهم استشارة أخصائيي الموهبة في الوطن العربي والعالم، فضلا عن الاستعانة بالأدلة العلمية والأبحاث في هذا المجال. آخر المطاف: الموهبة مهمة أكثر مما يعتقده الناس وأرباب العمل والمعلمون، والجانب الوحيد للموهبة التي يتم المبالغة فيها يتعلق بتقييم الناس الخاطئ لمواهبهم المتوالدة التي يمكن أن تنتج مواهب أخرى. همسة: دعواتكم بيوم عرفة.. دمتم بود. [email protected]