14 سبتمبر 2025

تسجيل

إرادة الشعوب والفهم المقلوب

18 يوليو 2018

لاشك في ان عام 2011 كان استثنائيا، فقد كان اليوم الأول فيه: 1 /1/ 11، فتحرك العرب من نقطة الصفر إلى الخانة الأولى، صحيح أن الكثير من الدم سال وما زال يسيل، ولكن كل عمليات الولادة يسيل فيها بعض الدم، فما بالك إذا كانت الولادة قيصرية كما هو الحال في ليبيا وسوريا واليمن!! والتاريخ يقول إن الشعوب هي التي تدفع مهر الدم، وتتعرض للتقتيل إما على أيدي حكامها أو أعدائها، ولكن وفي جميع الأحوال، ما من حاكم دموي إلا وانتهى نهاية دموية. ومطالب الناس في العالم العربي بسيطة، ولخصها الكثير من المتظاهرين في عبارة "الشعب يريد تغيير النظام"، وفي تجاويف هذا الشعار مطالب أخرى، فالشعب يريد توفير الطعام، وحرية الكلام، ودفاتر وأقلام، والأمن والسلام، وكل شاب يريد وظيفة و"مدام"، وكل شابة تريد الكرامة والاحترام، والجميع يريد الفطام، من وصاية المتخمين بالمال الحرام، يريد لقمة نظيفة وليس الفتات الذي يسقط من موائد اللئام. أكثر من 60% من العرب دون الثلاثين، يعني بحساب السنين فإن العرب المعاصرين أمة شابة، والشباب طموحه بسيط: خبز/ رغيفة ولقمة شريفة، وبالتالي لابد من وظيفة، ويريدون الصحة وحق التداوي من كل الأمراض، من السرطان إلى الكحة، ويريدون ماءً نظيفا يشربونه، وبخاخات للتخلص من القمل. فهل هذه مطالب تعجيزية؟ كلا، ولكن الكليبتوكراسي وهي حكم اللصوص، يقوم على القمع وإسكات كل محتج على الظلم او الجوع او المرض. ورغم ان الزعيم الآسيوي الأفريقي والأمريكي اللاتيني معمر الجزافي عوّدنا على الخطرفة على مدى 4 عقود، إلا أنه نطق حكمة في خطبة "زنقة زنقة" الشهيرة (بعض الملاعين قام بتركيب تلك الخطبة على أغنية شاكيرا بمناسبة افتتاح بطولة كأس العالم قبل الأخيرة في جنوب أفريقيا فابحث عنها في قوقل مستخدما عبارة Shakira Gaddafi mix).. المهم أنه قال أول وآخر جملة مفيدة في حياته: كل ليبي يأخذ نصيبه من النفط ويتصرف فيه، ولو وضع هو وبقية الحكام مثل هذا القرار موضع التنفيذ ولو بنسبة 15%، لما كانت هناك حاجة إلى ثورات او مخابرات: يتم توزيع الدخل القومي توزيعا عادلا وينال كل مواطن حصة من ثروة بلاده تكفل له الحد الأدنى من العيش الكريم، وأقول للحرامية في الحكم: لا تسرقوا الجمل بما حمل، بل أقلبوا المعادلة وبدلا من ان تسرقوا 90% من المال العام، اسرقوا فقط 10% منه واتركوا الـ 90% للشعب علما بأنه وفي معظم الدول العربية يتمتع 5% من السكان بنحو 95% من الثروة.. يعني اسرقوا على خفيف، ولو طنطن الشعب طنشوا، وبلاش رصاص. خاصة في موسم الزلازل الارتدادية الحالي. وكلمة أخيرة: ظللت على مدى سنوات أقول إنه لو كانت لجيل الشباب عيوب، فهي موروثة منا نحن جيل الآباء، فنحن جيل الخيبات الكبرى. جيل الحلاقيم التي يزيد قطرها على قطر أنبوب المجاري المركزي، جيل الجعجعة، فكل الباطشين الغاشمين المفترسين وصلوا إلى الحكم وجيل الآباء الحالي "شباب"، ولخص حالتنا، ذلك التونسي الذي ظهر عشرات المرات على شاشة قناة الجزيرة وهو يصرخ بصوت دامع: لقد هرمنا من أجل هذه اللحظة!! ومن صنع هذه اللحظة هو جيل ما دون الثلاثين. جيل الفيسبوك والبلاك بيري والآيبود والبلاي ستيشن والإكس بوكس، نعم كان من بين هذا الجيل تامر حسني وعمرو دياب وروبي والعجرمية، ولكن من شطبوا ويحاولون شطب الصفحات السود من تاريخنا، شباب مغمورون لم تنتبه لهم وسائل الإعلام ولا هم يريدون لها ان تنتبه لهم.