18 سبتمبر 2025

تسجيل

معركة الفلوجة بين الغموض والانتقام؟

18 يوليو 2015

طبول الحرب وشعارات الثأر تدوي في مختلف أنحاء العراق مؤذنة بدورات جديدة من حرب تدميرية داخلية باتت تحرق الأخضر واليابس. وحكومة حيدر العبادي التي قامت على أنقاض حكومة هزائم نوري المالكي وتخبطاته القاتلة يمكن اعتبارها حكومة حرب ميليشياوية تكثر من الكلام أكثر من الأفعال، وهي حكومة لم تضع بصماتها على أي إنجاز حقيقي أو إصلاحي أو تغييري سوى عبر الخوض في نفس مسارب الأزمة السابقة، ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر حملة علاقات عامة تحاول تجميل الوجه الطائفي البشع للحكومة دون أن تتمكن من إخفاء البشاعات أو دفنها تحت السجادة؟، فهي في الوقت الذي استعانت فيه بقوة الميليشيات التي تقودها إيران، وسمحت بالتواجد العلني والمفضوح لقادة الحرس الثوري، ورغم حجم الزفة الإيرانية الهائل، إلا أن هزائم حكومة المالكي قد تجددت مع حكومة العبادي عبر فقدان السيطرة على الأنبار في فضيحة عسكرية مثيرة للتأمل؟ إذ إن الهزيمة باتت تكرر نفسها. حكومة العراق كانت في حالة انشغال تام من أجل رتق خرق ضياع الموصل ولكن ضياع الأنبار قد خلط الأوراق من جديد. اليوم وفي ظل التوجه الحكومي المدعوم ميليشياويا لإدامة حالة الحرب ومحاولة استرداد المدن المفقودة وفي طليعتها المدينة العقدة وهي الفلوجة التي كانت ومازالت رمزا للمقاومة العراقية منذ الأيام الأولى للاحتلال الأمريكي، الحرب لاسترداد الفلوجة لسيطرة الدولة المركزية قرعت طبولها من خلال تصريحات طائفية مثيرة لقائد فيلق بدر هادي العامري الذي أعتبر الفلوجة غدة سرطانية ينبغي استئصالها، ثم أتبع ذلك التصريح المعيب بآخر لنائب القائد العام للحشد الإرهابي أبو مهدي المهندس هدد فيه الفلوجة وأهلها بأوخم العواقب ويتمثل ذلك طبعا في التهجير والتغيير الديموغرافي، وتسليط الميليشيات أسوة بما حصل في تكريت قبل شهور مضت، ولكن في الفلوجة فإن الوضع مختلف بالمرة، فبعد الإعلان الحكومي عن بدء عمليات السيطرة عليها تمهيدا للسيطرة على الأنبار بالكامل تحدثت قيادات طائفية عن تخطيطها لحرب سريعة لن يطول أمدها تنتهي بالهيمنة التامة بسبب قوة النيران وتوفر آلاف البراميل القذرة التي ستستعمل في الحرب أسوة بما يحدث في معارك الجيش السوري ضد شعبه، ولكن وإزاء المقاومة الشرسة فإن موضوع اجتياح الفلوجة قد تجمد ولف مصير العمليات الغموض التام في ظل تصريحات متناقضة ومتضاربة لعل من أبرزها تصريح وزير الداخلية محمد الغبان وهو أصلا من قيادات ميليشيا بدر الطائفية الإيرانية الولاء الذي نفى بدء العمليات في الفلوجة رغم الإعلان عن مصرع العديد من قيادات الميليشيات في الفلوجة. من نصدق إذن؟ البيانات الحكومية المتناقضة المتذبذبة؟ أم الوقائع الميدانية وصور جنازات القتلى؟ غموض معركة الفلوجة يطرح إشكاليات عديدة حول مصير عمليات الأنبار ومن ثم الموصل في ظل الخسائر البشرية المريعة التي تتكبدها تلك الميليشيات والتي أضحت لها ردود أفعال خطيرة في الشارع العراقي، ويبدو أن صيف العراق الملتهب سيزداد التهابا وسخونة محرقة مع التخبط العسكري والرغبة الطائفية العارمة في الانتقام وبما يجعل العراق بأسره في مهب الريح في ظل تخبطات سلطة طائفية تكثر من العويل والصراخ ورفع شعارات الثأر الانتقامية بدلا من إدارة الأزمة في بلد قد تفشى الخراب فيه بشكل مروع.