16 سبتمبر 2025
تسجيليجب أن يدرك الجميع مخاطر تحدي سلطة المؤسسة العسكرية أو استفزازها لا أظن أن أحدا بوسعه أن يبتهج بهذا القدر – حتى ولو بدا محدودا – من الاحتقان في العلاقة بين نفر من ائتلافات ثورة الخامس والعشرين من يناير والمجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر وتلك في تقديري معضلة يتعين الحذر منها بل والسعي بقوة إلى تجاوزها ليس بفعل ما يمتلكه المجلس من قوة لا تجب الاستهانة بها وإنما لمخاطرها الجمة على مقدرات الوطن والشعب. وبلغ هذا الاحتقان المحدود ذروته في جمعة الغضب الثانية التي انطلقت في الثامن من يوليو ثم ما تلاها من اعتصامات بعدد غير قليل من ميادين عواصم المحافظات المصرية ثم في جمعة الإنذار الأخير في الخامس عشر من يوليو متجليا في الهتافات التي طالت قيادة المجلس وبعض رموزه ومنادية بسقوطه على نحو أعاد إلى الأذهان الهتافات المطالبة بسقوط الرئيس السابق حسني مبارك وفي المقابل فإن المجلس أظهر ما يمكن تسميته بالعين الحمراء في البيان الذي تلاه اللواء محسن الفنجري أحد أبرز أعضاء المجلس العسكري والذين اكتسبوا شعبية عالية خاصة بعد توجيهه التحية العسكرية لشهداء الثورة عقب تنحي مبارك عبر شاشات التليفزيون بطريقة انطوت على احترام واسع للثورة وشهدائها وتضمن هذا البيان في مفردات قوية وحركات باليد والأصابع ما ينبئ عن نفاد صبر المجلس وعدم سماحه بأي محاولة للقفز على السلطة أو تجاوز الشرعية فضلا عن اتخاذ ما يلزم من إجراءات لمجابهة التهديدات التي تحيط بالوطن وتؤثر على المواطنين والأمن القومي من أي عبث يراد بها وصنعت هذه التجليات مسافة أو بالأحرى فجوة بين بعض الذين يخططون ويدبرون للمظاهرات والاعتصامات وبين المجلس العسكري أسهمت المظاهرة التي خرجت بميدان روكسي يوم الجمعة الفائت رافعة شعارات مؤيدة للمجلس ومنددة بثوار ميدان التحرير في تعميقها على نحو أعاد للأذهان المظاهرات التي خرجت مؤيدة لمبارك ومدافعة عن نظامه في هذا الميدان القريب من القصر الجمهوري والذي يتوسط منطقة مصر الجديدة التي يسكنها أفراد الطبقة الجديدة في مصر من رجال أعمال وكثير من رموز ونخب ارتبطت بالنظام السابق. ولاشك أن الانتقادات التي وجهها البعض من رموز الثوار والقوى السياسية الجديدة لأداء المجلس العسكري لم تتجاوز المألوف خاصة فيما يتعلق بالبطء في تغيير معادلات السلطة وتطبيق أهداف الثورة التي تتمثل في الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية على نحو ينسجم مع قوة الدفع التي توافرت بعد الحادي عشر من فبراير الماضي عقب سقوط رأس النظام السابق بالإضافة إلى ما اعتبره البعض نوعا من التواطؤ في محاكمة مبارك ونجليه وقتلة الثوار والمعتدين على المتظاهرين ولكن في المقابل فإن المنتقدين فاتهم أن عملية إعادة بناء وطن بعد ثلاثة عقود من التدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي ليست بالسهولة بمكان بل تتطلب متسعا من الوقت وموارد مالية وقدرات بشرية غير متاحة على النحو المطلوب في الفترة التي أعقبت سقوط النظام القديم وفي الآن ذاته لم يمتلكوا الوعي والفضاء السياسي الواسع فانبرى بعضهم ساعيا إلى محاولة تهديد مصالح البلاد والعباد من خلال قطع الطرق الرئيسية وإغلاق المصالح الحكومية بل والتهديد بإغلاق قناة السويس وهو ما دفع اللواء محسن الفنجري عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى الإدلاء ببيانه سالف الذكر شديد اللهجة وقام زميله اللواء حسن الرويني قائد المنطقة العسكرية المركزية وعضو المجلس بتفسير هذه اللهجة على نحو يقصد إلى التخفيف من آثارها وطمأنة المعتصمين في ميدان التحرير وغيره من ميادين المحروسة عبر قوله إن هذه اللهجة عكست انزعاج المجلس الأعلى للقوات المسلحة من تهديدات متزامنة بغلق البورصة وطرق ومنشآت حيوية خاصة قناة السويس. مضيفا أن هذه المعطيات أزعجت الجيش "لأنها ارتبط في مخيلتنا بما جرى في 1956 - قبل التدخل الأجنبي لاحتلال قناة السويس- عندما تم الدفع بإسرائيل لمناوشة مصر ومطالبة بريطانيا وفرنسا لمصر بترك حماية وتأمين القناة لهم "مشيراً إلى تفاصيل الساعات التي عاشها المجلس الأعلى للقوات المسلحة والتي سبقت بيان اللواء محسن الفنجري فقد تم ضرب خط الغاز في سيناء للمرة الثالثة وغلق طريق العوجة وحصار مبنى إرشاد قناة السويس واعتقال 4 أجانب يصورون قناة السويس ارتفعوا إلى 7 في عدة مناطق لاحقا أحدهم ضبط وهو يسلم أموالا لعدد من الأشخاص. وفي القاهرة تم غلق مجمع التحرير والتهديد بالعصيان المدني وهددت مجموعة بغلق مترو الإنفاق وأخرى اتجهت للبورصة التي خسرت 7 مليارات جنيه في هذا اليوم، الثلاثاء 12 يوليو. ووفق قول اللواء الرويني فإنه لو تم تجميع كل هذه النقط ستشير إلى أن هناك شيئا غير طبيعي يحدث، وهو ما أزعجنا جدا، مؤكداً أن الجيش لا يزعجه وقوف مجموعة من الشباب تعتصم في التحرير ولكن ما أزعجه هو ما حدث مواكبا للاعتصام من تخريب أو تهديد لمنشآت حيوية - هذا الكلام للمسؤول العسكري الكبير- قررنا أن يخرج اللواء محسن الفنجري بهذا البيان ليقول أمرين، يطمئن الشعب بوجود الجيش حاميا، ويعطي رسالة لمن يفعل هذا ويعبث بأمن مصر مفادها أن القوات المسلحة موجودة مؤكداً أن الحالة الانفعالية التي ظهر بها اللواء الفنجري كانت سارية لدى كل القادة أعضاء المجلس العسكري بسبب توالي الأحداث التي تشير لأمر غير طبيعي يحدث ويهدد أمن مصر والمصريين. ولست في حل من القول إن الإقدام على خطوات وإجراءات من شأنها أن تشكل تحديا للمؤسسة العسكرية وقيادتها التي تدير البلاد حاليا ينطوي على استفزاز لها ودفعها إلى قرارات وخطوات صعبة لأنها ستتعلق عندئذ بمعادلة الأمن والاستقرار الداخلي والخارجي للمحروسة التي لا ولن تسمح المؤسسة العسكرية بمحاولة العبث بها لاسيَّما أن نفرا ممن يحسبون على ائتلافات الثورة من ظنوا أنه بوسعهم الإقدام على تحديها فجاءت الرسالة سريعا في بيان الفنجري بعدم السماح بأي محاولة للقفز على السلطة والشرعية التي تمثلها. ومن ثم فإنه من البديهي أن يدرك ثوار يناير بتعدد ائتلافاتهم وقواهم ومن معهم من قوى سياسية متحالفة معهم أو قريبة منهم مخاطر تحدي سلطة المؤسسة العسكرية ليس من قبيل الخنوع للسلطة القائمة أو القبول الجبري بخياراتها مثلما كان يحدث في عقود مبارك وإنما انطلاقا من أن هذه المؤسسة تمتلك خصوصية في الدور والأداء والمهمات المنوطة بها فهي قد انحازت عن قناعة قوية إلى ثورة الشعب ومن ثم لا يتعين بعد نجاحها محاولة القفز عليها أو تجاوزها فالشعب ما زال في حاجة إلى قوتها وقدراتها وأدائها على أن تحسن من أساليبها وأدواتها على نحو يسارع من وتيرة حركتها وفق الانضباط والمنهج العلمي الذي تتميز به بما يصب في تكريس أهداف ثورة يناير وأشواق شعب تطلع وما زال إلى الديمقراطية والحرية والعدالة والاجتماعية. السطر الأخير: مطاردا في البراري مغيبا في الصمت تسكنني المسافات هو أنت رحلتي للأشواق المسافرة أم خيمة للعشق تحتويني؟ فيك الأمطار أترقبها كي تبثني رحيقها المستور عسجدها الأبدي أيتها الخالصة لي الليل لك والفجر كل الصباحات المتوالية لي أنت بتهدل القصائد من فساتينك وانشطار الياقوت من قسماتك الوضاءة المطرزة بمرجان البحار وعنفوان الوجد الساكن أقمار الكون لك ورقي وشعري عناويني حدائق روحي المترعة بذكرك لك أنهاري ملحي حدود البلاد تضاريس وجعي أحيانا لك أنا عمرا وحقولا عشقا سرمديا ولعا لا ينتهي أيا سر كينونتي ومنتهى صيرورتي [email protected]