14 سبتمبر 2025
تسجيلالكلمة هي بداية الخلق وبها بدأ الله تعالى، فقد خلق الكون بكلمة (كُنْ) وخلق آدم بيده تشريفاً له حتى يحترم الكلمة ويحملها، فالكلمة إيمان أو كفر، بناء أو هدم، شرف أو حتف، سلم أو حرب، محبة أو عداوة، طيبة تفوح شذاها بالمسك والعنبر، أو خبيثة تزكم منها الأنوف، وفاء، أو خيانة، رحمة أو عذاب...، فالكلمة هي الأمانة التي عرضت: (عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا) لخطورتها ومسؤوليتها (وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) حتى يزول بها جهله وظلمه حينما يلتزم بالأمانة. وللخطاب الاسلامي مواصفات أهمها: (1) خطاب التسامح والسلام والكلمة الطيبة: يجب أن يكون خطابنا طيباً جميلاً رائعاً رقيقاً لطيفاً يحمل إلى الآخر (غير المعتدي) الرحمة والحب والأمن والأمان، والسلم والسلام. ومن المعلوم أن المسلم يقابل الآخر بهذه الكلمة الطيبة التي تحمل في طياتها منح الأمن والأمان له فيقول: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) وهي الكلمة التي يختتم بها صلاته فيسلم بها على من في يمينه ويساره، وبذلك أعطاهم جميعاً العهد بأن ينشر السلام ولا يؤذي أحداً إلاّ إذا اعتدى عليه. (2) الخطاب الأخلاقي: يجب أن يكون خطابنا — نحن المسلمين — حاملاً أخلاق الإسلام العظيمة، فهذا الدين هو دين الأخلاق، ورسوله صلى الله عليه وسلم رسول القيم والأخلاق الراقية، وقد شهد الله تعالى له بذلك فقال تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ). وتدل النصوص الشرعية على أن الأخلاق الفاضلة والقيم السامية هي غاية قصوى حتى للعبادات ولذلك ربطها الله تعالى بها فقال في الصلاة: (..إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) وفي الزكاة: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا) وحتى العقيدة فقد ربطها بالأخلاق من حيث الايمان بالله تعالى، وصفاته العظيمة التي هي صفات الكمال التي تنبئ عن الجمال والجلال، والإيمان باليوم الآخر الذي يردع المؤمن عن الظلم والظغيان والاعتداء على الإنسان والحيوان لأنه يبدأ الحساب مباشرة ثم الحساب الأخير الذي يترتب عليه دخوله الجنة أو النار. فهذه المرتبة العليا للأخلاق تفرض على المؤمن أن يكون متخلقاً بها في أفعاله، وفي أقواله وخطابه مع الآخرين بالقول الطيب فقال تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)، بل إن الله تعالى وصف عباد الرحمن الذي يستحقون الجنة بقوله: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً) ومن المعلوم أن المراد بالجاهل هنا هو من يسبّ ويشتم، أو يقول شراً ومع ذلك جواب المسلم السلام.