30 أكتوبر 2025

تسجيل

الرحمة بين الأصدقاء

18 يونيو 2016

إن التراحم بين المؤمنين والمؤمنات في حياتهم اليومية يجب أن ينتشر بينهم وذلك بغية المحافظة على أواصر الأخوّة الإيمانية وتعزيز روح المحبة والتعاطف فيما بينهم، والتأكيد على استمرارية الترابط والتواصل بين المؤمنين والمؤمنات، الكبير والصغير الحاضر والغائب، كل على حد سواء، وإلى جانب ذلك تؤكد الشريعة الإسلامية على تجنب إساءة أو إهانة أو إيذاء المؤمنين بعضهم لبعض، وذلك بغية التخلص من حالات الحسد والكراهية والحقد والتباغض وغيرها من السلوكيّات الخاطئة الّتي تقع بين أفراد المجتمع الإسلامي، فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يخونه، ويحق على المسلمين الاجتهاد في التواصل والتعاون على التعاطف والمواساة لأهل الحاجة وتعاطف بعضهم على بعض، حتى يكونوا رحماء بينهم، فالقلب في حاجة ملحة إلى تدبر القرآن ولا يسدها إلا ذكر الله والتلذذ بكريم خطابه. وإن فيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بكتابه وإن فيه قلقا وخوفا لا يؤمنه إلا السكون إلى ما بشر الله به عباده، وإن فيه فاقة لا يغنيها إلا التزود من حكم القرآن وأحكامه، وإنه لعلى حيرة واضطراب لا ينجيه منها ويهديه إلى سواء الصراط إلا الاهتداء بنور ربه وبرهان كتابه العزيز، ورسوخ القرآن الكريم في القلب الذي يحصل به الانتفاع لا يكون ترديدا باردا باللسان لا يحرك قلبا ولا يغير واقعا، بل رسوخه بأمور مهمة تنفعه في حياته وفي آخرته ويتشرب قلبه نورانيته الصافية وبالأخص في هذه الأيام المفضلة أيام الصيام والقرآن. فالناس أشكال كأشكال الطير فكل يقع على شاكلته وكل إنسان مع شكله ومن طلب الفضائل لم يساير إلا أهلها، ولم يرافق في تلك الطريق إلا أكرم صديق، فإن أصدقاء السوء هم أفتك داء يصيب أخلاق وسلوك وعقائد الشباب، لذا فالإسلام يفرض على الإنسان المؤمن أن ينفتح على أخيه المؤمن ليحمل همه وليفرج كربه وليقضي حاجته وليعينه في جميع أموره، وليحفظه في نفسه وماله وعرضه من خلال أخوة الإيمان التي تزيدها علاقات الصداقة قوة، أن يعين أخاه المؤمن في أوقات الشدة والضيق، فالأسرة تقوم مشكورة بدورها المنوط إليها بتوفير كل ما يحتاجونه في هذا الوعاء المجتمعي، وهذا يتوقف على نوعية ما يتأثر به الأبناء من أصدقاء مما يكون له من عاقبة وخيمة على مستقبل الأبناء وبعد وقوع الطامة ونار الأشرار تأكل عقول الأبناء عندها لا ينفع الندم واللوم وعندئذ تتعالى الصيحات ليتني لم أتخذ فلانا خليلا، وإذا اتضح لنا أن الصلات نشأت بينهم وبين النوعيات الفاضلة يجب أن نصعدها وننميها ونرعاها بكل جهودنا وتفكيرنا، فالإنسان يحتاج لمن يقاسمه همه ويشاركه أفراحه ويستشيره في أمره وهذا ما ينشده في رفيق الدرب، ولكن الكارثة أن تتحول هذه الواحة إلى مزرعة أشواك عندما يفتقد من كان يتوقع أن يعينه على الخير وفعل الصالحات ومشاركته في الحلوة والمرة، فليعلم الأبناء أنه إذا صادق الإنسان الأخيار انتقل إليه خيرهم وإذا صادق العابثين أصابه كثير من شرهم فالإنسان إذا صادق من يحب مرضاة لله تعالى، فينضح على سلوكه صدقا وأمانة ووفاء ومروءة أما إذا صادق من يسعون لإرضاء أهوائهم وإرواء نزواتهم، والسعي وراء شهواتهم، فإنه يكون في موقف اختيار صعب إما أن يرضي هؤلاء على حساب دينه، وإما أن يخالفهم ويخسر صداقته فإنك إن تنقل الأحجار مع الأبرار خير لك من أن تأكل الثريد مع الفجار. وفق الله أبناءنا بصحبة صالحة تدلهم على الخير وتعينهم على فعل الطاعة وأن يصرف عنهم أهل السوء ومجالستهم والتأثر بأعمالهم وأخلاقهم، فالصديق يترك تأثيراته السلبية والإيجابية من خلال الجانب الشعوري على صديقه مما يجعل الصداقة من المسائل التي تتصل بالمصير الإنساني.