14 سبتمبر 2025

تسجيل

أوراق إيرانية متغيرة في إدارة الملف السوري

18 يونيو 2016

حقائق الموقف الميداني السوري، وطبيعة حالات التشابك الإقليمي الشرس، تضع واضعي القرار السياسي في إيران أمام معضلة حقيقية بعد التزايد المضطرد في الخسائر البشرية والاقتصادية، وزيادة التورط الرسمي الإيراني في لهيب صراع سوري مستعر لم تسر مفرداته وفقا للإرادة الإيرانية التي كانت تتصور أنه بدعمها المفتوح للنظام السوري، وبفتح صنابير المتطوعين الطائفيين من شعوب الشرق القديم، ستتمكن من دحر الإرادة الحرة والعزيمة الصلبة لقوى التغيير السورية التي أضحت تقاتل اليوم حربا كونية فعلية ضد قوى متنازعة ومتناقضة ومختلفة في كل شيء!، ولكنها متفقة على دعم بقاء النظام السوري!، الإيرانيون وقد تورطوا وتوسعوا في ممارسة أقصى درجات التمدد الإقليمي غير المعهود والذي لم يحدث منذ العصر القاجاري قبل قرنين من الزمان، يعلمون أنه مع سقوط كل قتيل منهم يغوصون أكثر وأكثر في حرب استنزافية مهلكة لن تعود نتائجها بالخير على مشروعهم التبشيري الطموح الذي يشهد اليوم قمة انحداره بعد صعود حماسي كان بمثابة حالة تخديرية لاعلاقة لها بالواقع المعاش! فالحرب السورية أضحت (منطقة قتل مفتوحة وساحة لتصفية الحسابات الإقليمية) قد إستهلكت واستنزفت مؤسسة الحرس الثوري وقياداته التي تهاوت واندحرت في خسارة ستراتيجية كبرى لم يستطع النظام الإيراني هضمها واستيعابها بسهولة، لقد كان التركيز الإيراني منصبا على إظهار شخصية قائد العمليات الخارجية في الحرس الثوري السردار (قاسم سليماني) الذي كان يتنقل لإدارة المعركة الإيرانية في الشام والعراق!، ولكن يبدو أن الوهج القيادي للجنرال قد تبدد بعد سلسلة الهزائم الأخيرة إضافة للحرج السياسي من الإستعانة بجنرال ممنوع من السفر دوليا!، لذلك لجأت الستراتيجية الإيرانية الباحثة عن حلول توفيقية للخروج من المأزق المستمر فصولا تورطية مستمرة بالبحث عن بديل جاهز يمكن تسويقه وبصورة أكثر قبولا والتزاما بالأعراف الدبلوماسية، فكانت مسالة تعيين الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني السيد (على شمخاني)! وهو عربي الأصل من الأحواز ليكون منسقا إيرانيا عاما في سوريا!، وهو تطور يحمل دلالتين عسكرية معتادة، وسياسية مرتقبة يراد تفعيلها وفق آليات من شأنها حفظ ماء وجه النظام الإيراني، فشمخاني رغم كونه صقرا من صقور النظام الإيراني إلا أن خلفيته القومية قد وفرت له مساحات تحرك سياسي ودبلوماسي ملموسة!، وفي جهد إيراني منسق بين الجهد العسكري ومحاولات تلمس حلول سياسية يبدو قبولها من الطرف الإيراني أمرا صعبا!، الإيرانيون يدركون جيدا أن قيادة عمليات عسكرية كبرى في الساحتين العراقية والسورية هو أمر سيؤدي في نهاية المطاف لإنهيار في الجهد العسكري، وهي حرب إستنزاف مدمرة للنسيج الحيوي للنظام، فخطوط الدفاع الستراتيجي الإيراني قد توسعت أكثر مما تتحمله القدرات المتاحة وبما يمثل وضعا استنزافيا مهلكا سيؤدي في نهاية المطاف لهزيمة وانهيار المشروع الإيراني وحيث لنتيجة المعركة الدائرة في الشام دور أساسي وفاعل في البنية العامة لمستقبل النظام في إيران؟، ودخول على شمخاني على خط الأزمة السورية لن يكون فيه أي انفراج مالم تتغير طريقة وطبيعة التدخل العسكري، وإذا كان شمخاني يمتلك نفوذا معينا في العراق يتحكم من خلاله بعناصر وقيادات العملية السياسية الكسيحة هناك، فإنه في سوريا لن يحقق أي تقدم مالم تتغير بالكامل الرؤية الإيرانية من الصراع السوري، وتتبدل المعطيات!، وهو أمر لن يتحقق بسهولة، المشكلة لا تكمن في تغيير الرؤوس القيادية التي تدير الملفات، بل في تغيير العقيدة والمنهج الفكري والسياسي الذي تسبب في تدويل الأزمة السورية بعد أن تدخلت إيران بطريقة غير مسبوقة في التاريخ الحديث لتجعل من الشعب السوري خصما لها ولتنحاز لجلاد أشروبما يتناقض مع الدعايات التبشيرية للنظام الإيراني.. لا سليماني ولا شمخاني ولا أصفهاني.. من يقرر حسم الأوضاع في سوريا.. الشعب السوري وحده من يمتلك ذلك الخيار.