12 سبتمبر 2025
تسجيلإن الله سبحانه وتعالى صاحب الفضل والإنعام قد أوجب الصيام على أمة الإسلام وجعله أحد أركان الدين العظام ،فالخالق خلق الخلق ووهبهم الحياة وجعل الإنسان معلقا بين الحياة والموت يعيش بنفس يتردد فجعل للإنسان وقتا محدودا وعمرا معدودا، والحياة في البدء والمنتهى بيد الله وحده يقضي بما يشاء ويحكم ما يريد بيده الأمر يهب الحياة للأحياء ويسلبها متى يشاء يفعل ما يريد ويحكم بما يكون ولا يكون إلا ما أراد، فينبغي على المسلم أن يستقبل هذا الشهر العظيم بالفرح والسرور والغبطة وشكر الرب الغفور ،الذي وفقه لبلوغ شهر رمضان وجعله من الأحياء الصائمين القائمين الذين يتنافسون فيه بصالح الأعمال ،لذلك على العاقل الحصيف أن يستغل أوقات عمره في إخلاص العبادة لرب البرية، وإن في انقضاء الأيام ومرور الأعوام عبرة للإنسان بأن هذه الدار فانية وأنها سريعة الانقضاء وقريبة الزوال، فعلينا أن نبادر بالأعمال الصالحة قبل فوات الأوان، وأن نحذر التسويف حتى لا يكون ندم وخسران في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فأيام الله تعالى دول وها نحن بين طيات الزمن الذي يمر بنا مر السحاب ،وإننا في هذه الأيام المباركة المقبلة يستعد المسلمون بقلوبهم وابدانهم لاستقبال ضيف كريم يأتي في العام مرة ،إنه شهر عظيم الخيرات كثير البركات فيه فضائل عديدة وفوائد جمة ينبغي للمسلم أن يغتنمها ويفوز بخيرها.إن شهر هذه بركاته وهباته حري بكل مسلم أن يستقبله بفعل الطاعات واجتناب المعاصي والآثام وأن يقبل على ربه سبحانه بالتوبة النصوح وأن يرد المظالم إلى أهلها وأن يبرئ نفسه من ذنب ومعصية ،وينتهز هذه الفرصة العظيمة ، فيجتهد في العبادة حتى يألفها مدى عمره وطول أجله وعلى العبد أن يجاهد نفسه فيمنعها عما حرم الله عليه من الأقوال والأعمال ،لأن المقصود من الصيام هو التقوى وطاعة المولى جل في علاه وتعظيم حرماته وكسر هوى النفس وتعويدها على الصبر لأن الصبر ضياء وأجر عظيم ومثوبة كبرى ،إنه خير شهور السنة أفضل أيام الله الحسنة بعشر أمثالها وتضاعف إلى سبعمائة ضعف فليكن التنافس في أعمال الخير والبر ،فهل أدرك هؤلاء الذين يسر الله لهم العيش لحضور رمضان هذا وهم في أتم الصحة والعافية قيمة هذه الفريضة الربانية وعرفوا ما لهم وما عليهم فعزموا على السباحة في هذا النهر العذب الجاري نهر الرحمات والبركات والسعي إلى رب السموات والتضرع إليه بقبول التوبة وإخلاص العمل لله تعالى،والسير في روضة الرحمن الرحيم والتي لا يذبل زهرها ولا ينفد رحيقها، فإن الذنوب والمعاصي تحجب المرء عن نور الله من علم وهدى ومعرفة فيكون عنصرا سيئا في المجتمع فلا يفيد المجتمع وتكثر الفواحش والرذائل التي تفتك بالمجتمع المسلم ولكن لابد أن يسعى كل مسلم لإصلاح نفسه وإبعادها عن خطر المعصية فيستفاد بنور الله من علم وهدى ويفيد مجتمعه الذي يعيش فيه، لذلك لابد أن تعلم أنه لن يفتح لك باب إذا أغلق الله باب رحمته وتوبته في وجهك وتوقع حينها كل أمر يحدث لك. فإن كان حب الدنيا يعيقكم فلا بد من الرجوع إلى الله فيا خيبة من ضيع منه الليالي والأيام ،و يا حسرة من انسلخ عنه الهدى بقبائح الآثام ،وياخسارة من كانت تجارته في الذنوب ،ويا ندامة من لم يتب إلى علام الغيوب، فبادروا واستقبلوا الخيرات أيها الإخوان ولا تتواكلوا وسارعوا ولا تتأخروا، فلابد أن يعلم المرء مهما كانت ذنوبه عظيمة فإن الله يغفرها جميعا ما لم يشرك به وليعلم أيضا أن الحسنات يذهبن السيئات فلا بد وأن يتوشح بحسام التوبة ويملأ نفسه ثقة ورجاء بعفو الله، فالذي يدرك صفات الله وأسماءه وآلاءه ونعماءه يحصل له في قلبه معرفة حقيقية بالله العظيم الرحيم الرؤوف الغفور سبحانه وتعالى فهو معرفة قدرته مع عبده الضعيف المذنب يدعوه ويرجوه إلى أن يتوب إلى علام الغيوب، فيا له من فضل عظيم من رب كريم وخالق رحيم ،ألم تحن اللحظة لك أيها المسلم إلى أن تتوب وتؤوب ونفتح صفحة جديدة ناصعة البياض مشرقة بفعل الطاعات والقربات لرب الأرض والسموات وتتعلق بأستار المساجد وتقف على أعتابها متضرعا إلى الله تائبا مستغفرا، فهيا معا نركب ركب المستغفرين إلى ديار التائبين قبل فوات الأوان فمن أشرقت له بدايته أشرقت نهايته ومن صدق مع الله في توبته صدق الله معه ووفقه لحسن الخاتمة فينبغي مراعاة حرمة هذه الأيام لما خصها الله به من المنزلة والحذر من الوقوع في المعاصي والآثام تقديرا لما لها من حرمة وابدأ شهرك ببدن طاهر وقلب نظيف.