14 سبتمبر 2025

تسجيل

بحثت عن الحب فأين وجدته (2-3)

18 يونيو 2015

تكملة رحلتي في البحث عن الحب فوجدتهثالثا: حب الوالدين: هذا أعظم حب بعد حب الله ورسوله، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أي العمل أحب إلى الله -عز وجل-؟ قال: (الصلاة على وقتها) قال: ثم أي؟ قال: (بر الوالدين) قال ثم أي؟ قال: (الجهاد في سبيل الله)، وهو أعظم حب يكون بالبر بالوالدين بحسن الطاعة لهما ولين الجناح وبذل المال، والإحسان إليهما ألا يتعرض لسبهما ولا يعقهما؛ فإن ذلك من الكبائر بلا خلاف، ومن الدلالة على الخير أنه لو استغرق المؤمن عمره كله في تحصيله لكان أفضل من جهاد النفل، قال -تعالى-: (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا) البقرة 83، قرنت الآية عبادة الله ببر الوالدين لأن الفضل على الإنسان بعد الله هو للوالدين، والشكر على الرعاية والعطاء يكون لهما بعد شكر الله وحمده، ونرى الإحسان نهاية البر، فيدخل فيه جميع ما يحب من الرعاية والعناية لهما قال -تعالى-: (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون) العنكبوت 8، وسبب نزول هذه الآية في سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- كما روى الترمذي: قال سعد أنزلت فيّ أربع آيات فذكر القصة، وقالت أم سعد أليس قد أمر الله بالبر؟ والله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أموت أو تكفر، قال فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا فاها فنزلت هذه الآية، ومن ذلك نستنبط أنه قد بذل الوالدان كل ما أمكنهما على المستويين المادي والمعنوي لرعاية أبنائهما وتربيتهم، وتحمّلا في سبيل ذلك أشد المتاعب والصعاب والإرهاق النفسي والجسدي وهذا البذل لا يمكن لشخص أن يعطيه بالمستوى الذي يعطيه الوالدان فحبهما واجب، وفيه السعادة بالدنيا برضا الوالدين علينا والأنس بهما وبالآخرة بالفوز برضا الله -عزوجل- علينا، للإحسان الذي نقدمه لوالدينا فما أجمل حبنا لوالدينا اللذين لا يريدان سوى أن يريا سعادتنا في الدنيا والآخرة، فهما العطاء بلا حدود بمقابل رويتنا في أحسن حال وخير . رابعاً:- حب الإخوة والأخوات والأهل والأقارب والأصدقاء هذا الحب يتأصل في النفس البشرية فلا يوجد أعز ولا أعذب من الأخ والأخت ولا أفضل من الأهل والأقارب ولا أصدق من الأصدقاء، والدين الإسلامي حث على الأخلاق الحسنة و الكريمة والعالية التي تزيد من أواصر الترابط الأسري والاجتماعي بين الأهل والأقارب والأصدقاء، و خير البشرية -عليه الصلاة والسلام- دلنا على سبل الخير والهدى ورغب في اتباعها وأوصانا بصلة الأرحام فقال -عليه الصلاة والسلام- كما في حديث أنس -رضي الله عنه- (مَن أحبَّ أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره، فليَصل رحِمه) متفق عليه، وصِلة الرحم تعني الإحسان إلى الأقربين وإيصال ما أمكن من الخير إليهم، ودفع ما أمكن من الشرِّ عنهم فتشمل زيارتهم والسؤال عنهم والإهداء إليهم والتصدُّق على فقيرهم وعيادة مرضاهم واتباع جنازاتهم وإجابة دعواتهم واستضافتهم ومشاركتهم في أفراحهم وأتراحهم، وغير ذلك من شأنه أن يزيد ويُقَوِّيَ من أواصر العَلاقات بين أفراد هذا المجتمع الصغير بحجمه والكبير بقلبه ومعانيه .أخيرا:- بين -عليه الصلاة والسلام- فضيلة الإحسان للأقربين فعندما سئل فقيل( يا رسول الله: من أبرّ؟ قال: أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك ثم الأقرب فالأقرب) رواه أبو داود و قال ابن عثيمين: ( الأقارب نفعهم بر؛ لأنه من الصلة، فإذا قال: هذا وقف على أقاربي ـ ولو كانوا غير مسلمين ـ صح الوقف؛ لأن صلة القرابة من البر) .