18 ديسمبر 2025
تسجيلبعد أن وطدت الولايات المتحدة باحتلالها للعراق عام 2003 مكانة الجماعات والأحزاب الإيرانية في العراق في دروب السلطة وحمت حصونها وقلاعها وسلمتها البقية الباقية من تركة نظام البعث العراقي الذي كان، تركت إدارة أوباما العراق بقضه وقضيضه نهاية عام 2011 وسلمته على طبق من بلاتين للنظام الإيراني وحلفائه ووكلائه المحليين وحيث شرعوا في بناء حصونهم وتشريد معارضيهم بالاغتيال الجسدي أو المعنوي من خلال فبركة الاتهامات الإرهابية المزيفة كما حصل مع النائب الأسبق لرئيس الجمهورية السيد طارق الهاشمي والعديد من الساسة الآخرين، وحيث مورست سياسة طائفية بحتة أودت بالبلد للحضيض، وتصاعد المخطط الإقصائي الطائفي بكل تفرعاته وممارساته الإرهابية مع حقبتي التسلط المالكية التي شهد العراق خلالها انحطاطا ودموية وشمولية غير مسبوقة وتحت صهيل الشعارات الديمقراطية المزيفة، فلما تحرك الشعب وانتفضت طلائعه مطالبة بالعدالة وبالحق في الحرية والكرامة وتوزيع الثروة الوطنية، تعرضت لأبشع عملية تشويه ولأشد ممارسات قتل وقمع كما حصل ويحصل في ساحات العز والكرامة والمجازر الحكومية لميليشيات العصائب الطائفية وعصابات (سوات) ضد المنتفضين السلميين، ترى كيف يمكن لشعب مظلوم أن يعبر عن ظلامته في ظل انسداد الآفاق والسياسة الشمولية؟ وحالات الفشل في مختلف المجالات؟ لقد سبق للمالكي أن أعلن رفضه لأي حلول توفيقية وسلمية وإصلاحية ورفض التنازل عن عرشه الظالم وتلبية مطالبات المحتجين، بل وتطرف في مواقفه وأطلق تهديداته المباشرة بالانتهاء أو الإنهاء ونفذ فعلا مجزرة الحويجة صيف عام 2013 مما فجر انتفاضة شعبية عارمة في الفلوجة والأنبار فشلت معها كل الحلول العسكرية والقمعية وهي انتفاضة لم تزل مستمرة حاليا رغم تعقد الظروف الداخلية ووصول البلد لحافات الحرب الأهلية الطائفية التي تبدو اليوم خيارا حتميا مؤسفا لا مناص منه، فالمؤامرة التي حصلت في الموصل ومسألة سحب نوري المالكي لقوات الجيش من هناك بالطريقة الفوضوية التي تمت واتهام القادة العسكريين بالتواطؤ والجبن وبمسؤوليتهم الكاملة عما حدث من نكسة وهزيمة تؤكد بأن القائد العام وفريقه الحكومي هم من يتحمل المسؤولية الأولى والأخيرة في مؤامرة إقليمية واسعة مرتبطة بأحداث الثورة السورية ومحاولة فك الحصار المطبق على رقبة نظام دمشق المجرم، في العراق اليوم تدور رحى أكبر مؤامرة إيرانية طائفية هدفها تقسيم العراق بشكل نهائي عبر استعمال أدوات التحريض الطائفية المعروفة، وعبر جلب واستحضار قوات الحرس الثوري الإيراني للتدخل في العراق تحت ذريعة محاربة الإرهاب الداعشي مع المعرفة الكاملة بأن داعش ما هي في حقيقتها إلا صناعة إيرانية - سورية مشتركة تبرمج أفعالها وفقا للأجندة الإرهابية الإيرانية غير الخافية على العارفين بحقيقة التوجهات الإيرانية، الطريف في المصيبة الراهنة في العراق هو تقدم الرئيس الإيراني الملا حسن روحاني باقتراح التعاون مع الولايات المتحدة (الشيطان الأكبر) في مقاومة الإرهاب في العراق، وقد تجاوبت الولايات المتحدة مع الاقتراح الإيراني! أي أن (الملاك) الإيراني يحاول التقرب من (الشيطان) الأمريكي الأكبر فكيف يكون ذلك، خصوصا أن مواقف الطرفين من الأزمة السورية معروفة ومتناقضة بشكل صارخ؟