16 سبتمبر 2025

تسجيل

كنز الصداقة

18 يونيو 2013

نستطيع أن نكسب المعارف بالمجاملات، ونستطيع أن نجمع حولنا الكثير من الأشخاص، ونستطيع أن نبني شبكة إجتماعية كبيرة إذا أردنا ذلك.. بإمكاننا أن نجد "أعداء" بسهولة، من يكرهون لنا الخير، وبإمكاننا أن نجد "الأعدقاء" بسهولة أكثر، هؤلاء الذين يتصنعون الحب ولكن بداخلهم يتمنون لنا الأسوأ دوماً، ولكن أن نجد "(أصـدق)اء" يحبوننا من أعماق قلوبهم، ويعتبروننا العين التي لا يستغنون عنها ليروا الحياة بشكل أفضل، فهذا الأمر من سابع المستحيلات في زمن أصبحت به المجاملات هي الخيار الأول. الأصدقاء كنبضات القلب.. بعدهم يعني توقف الحياة.. وقربهم يعطي لحياتنا إيقاعات جميلة.. الأصدقاء الحقيقيون هم من نغيب عنهم طويلاً، ونعود إليهم لنجدهم بنفس درجة الحب والاشتياق دائماً، وربما أكثر! الأصدقاء هم العائلة التي اخترناها بأنفسنا.. قد لا نتشابه معهم في أسماء العائلات، والأفكار والاهتمامات، ولكن نعشق أن نكون معهم، ونبتكر كل الطرق التي بإمكانها أن تجمعناً معا، نبحث عن قشة الشبه الصغيرة، من بين الكثير من الاختلافات. يسخر الله الأرواح لبعضها البعض، ويقذف في قلوبنا الحب والود والاحترام، رغم كل الاختلافات.. فلا نستطيع أن نضع معايير معينة للصديق المثالي، لأنه يأتي فجأة ويصنع أجمل صدفة في حياتنا، عندما نعتقد أننا أبعد من أن نقترب منه لوجود الاختلافات.. يأتي كالنور لينير الظلام، ويأخذ النور معه حين يغيب عنا. الصديق العادي هو من يأتي للعشاء في منزلنا، والصديق الحقيقي هو من يجلب معه الوجبة التي نفضلها من المطعم وهو في الطريق إلينا، الصديق العادي هو من يتكلف في الهدايا التي يشتريها لنا، أما الصديق الحقيقي فهو من يشتري لنا كتابا أو شيئا بسيطا يذكره بنا وهو في السوق، الصديق العادي هو من ينتظر رؤيتنا بعد القدوم من السفر، أما الصديق الحقيقي فهو من نجده ينتظرنا في المطار شوقاً إلينا، الصديق العادي هو من يتصل لسبب معين، أما الصديق الحقيقي فهو من يتصل بدون أن يعرف السبب، الصديق العادي هو من ينتظر في غرفة الجلوس بخجل، أما الصديق الحقيقي فهو من يعتبر منزلنا منزله. لا أضمن أن الصديق شخصية مثالية، لكني أضمن أنه شخصية استثنائية.. لا تستطيع أن تتخلى عنها، مهما طال البعد أو زاد العتب.. لأن القلب لا يتم استئصاله بسهولة، عندما يؤلمنا، بل نهتم به، حتى يعود للنبض بشكل أفضل.. يقول مصطفى السباعي (لا تترك أي سوء تفاهم ولو كان صغيراً يدمر الصداقة العظيمة). . الأصدقاء كالزهور.. مختلفون عن بعضهم.. ولكن وجودهم يصنع أجمل باقة تزيّن حياتنا، وأجمل الحان تصنع معزوفة، تبث في أيامنا الحماس والسعادة.. يقول بوبلس: بعثرة الأصدقاء أكثر حمقاً من بعثرة المال. فأحرص على الاهتمام بأصدقائك، لأنهم كالزهور التي تحتاج إلى عناية، وتفتر علاقتك بهم حين تهملهم.. إذا فعل صديقك شيئا حسنا، اكتبه على الصخر.. وإذا فعل شيء سيئا اكتبه على الرمل.. حتى يطير مع الأيام وتغاضى عن صغائر الأمور، حتى لا تبعثر نعم الله عليك في وجود الأصدقاء الحقيقين. يقول البير كامو (لا تسر أمامي فقد لا أتبعك، ولا تسر خلفي فقد لا أقودك، بل سر بجانبي وكن صديقي).. فسر بجانب أصدقائك، وامسك بأيديهم.. لا تتقدم عليهم ولا تتأخر عنهم، واستمتع بحياتك مع هذه النعِم الربانية التي لا تقدر بثمن.  كلمة أخيرة:  الله يُسعد كل روح جميلة أنعمها الله علي.. لتكون "صديقتي".