29 أكتوبر 2025

تسجيل

حركة المخابرات والجيوش في الشرق الحزين

18 مايو 2016

مع تصاعد نيران الصراع السوري، وتعقد مسارات الحلول السياسية، ودخول البلد وجميع الأطراف المتصارعة في معركة كسر عظام حقيقية خلال وبعد معركة (خان طومان) بريف حلب الجنوبي والتي تكبد فيها الجيش والحرس الثوري الإيراني والميليشيات الطائفية العاملة معها خسائر غير مسبوقة جعلت صانعي القرار الإيراني السياسي والعسكري يعيشون حيرة حقيقية، بين خيارات انسحاب تراجعية قد تكون مدمرة على الوضع الداخلي الإيراني، أو الاستمرار في شحن ودعم وإدارة معركة معقدة وصعبة لا تبدو أي آفاق حقيقية لإحراز حسم فيها- كان القرار الإيراني الأرجح هو الاستمرار في التصعيد وإرسال التعزيزات في محاولة السيطرة الكاملة والنهائية على منطقة حلب والتي تحمل دلالات وأبعاد ليست عسكرية فقط، بل ملحمية وعقائدية لها علاقة صميمية مباشرة بجوهر المشروع التبشيري للنظام الإيراني! لقد طرأت تطورات كبرى على الوضع العسكري من خلال مصرع قائد أركان عمليات حزب الله اللبناني في سوريا وهو الإرهابي الدولي المعروف مصطفى بدر الدين ذو الفقار، لقد قدم الحزب في معارك سوريا خسائر بشرية رهيبة هزت الشارع اللبناني وسط البيئة الحاضنة للحزب في لبنان! هذه المرة لم يقتل القيادي اللبناني في غارة إسرائيلية كما كان الحال مع سمير القنطار وقبله مغنية وآخرون على امتداد ساحة وسنوات الصراع المعقد والطويل، لقد هزت تلك الضربة الحزب بقوة وشراسة، فقد وقع بدر الدين قتيلا بمدافع المعارضة السورية المسلحة التي حققت قفزات نوعية متقدمة في إدارة العمليات جعلتها تغير موازين الصراع رغم قلة الإمكانات التسليحية للمعارضة مقارنة بالقدرات الروسية والإيرانية وترسانة النظام السوري التي كانت معدة لما كان يسمى بالصمود والتصدي والتوازن الاستراتيجي! النظام لا يملك وسيلة لإدارة الصراع سوى الإيغال والتمتع والتفنن في ضرب المدنيين وتدمير الحواضر السكانية وفق أسلوب همجي انتقامي حاقد وبائس! كما حصل ويحصل مع مدينة (داريا) المتاخمة لدمشق! ، ويبدو أن ما حصل لم يمر بشكل عابر بل إن قائد القوة البرية الإيرانية العميد أحمد رضا بوردستان أعلن رسميا بأنه لا يحق لأحد الاعتراض على دخول القوات الإيرانية للعراق لتأمين خط الدفاع عن الحدود الإيرانية! ، وفعلا فقد تم الإعلان عن تجهيز وإعداد خمسة ألوية إيرانية مسلحة ونظام دفاع جوي للدخول للعراق وسط معمعة المعارك الطائفية المحتدمة هناك! ، ومن الشمال تتحشد أيضا في تركيا قوات خاصة لبعض دول التحالف للتدخل المباشر في سوريا إن اقتضت الضرورات العسكرية والإستراتيجية الملحة. في المنطقة تدور اليوم حروب سرية وعلنية واستخبارية وعسكرية لتقرير شكل وطبيعة المرحلة المقبلة، فلقد قام وزير المخابرات الإيرانية (إطلاعات) محمود علوي بزيارة عمل مهمة للعراق التقى خلالها أركان الحكم المتحالف مع طهران وفي طليعتهم نوري المالكي. ثم انتقل الوفد الاستخباري الإيراني لكردستان العراق في مهمة تمهد على ما يبدو لتدخل عسكري إيراني أوسع في العراق. الأيام القادمة ستشهد تصعيدا خطيرا للصراع في ظل إصرار جميع الأطراف على سباق الزمن لفرض أجندات وشروط لم يعد هنالك مجال كبير للمناورة بشأنها، الثورة السورية تتقدم، والنظام الإيراني وحلفاؤه ينتقلون من هزيمة لمأزق، ما يجعل احتمالات التصعيد تتصاعد بشكل خطير.. ومزعج! إنه سباق المسافات الطويلة لتكريس الفوضى.. أو الحسم! صراعات عسكرية/ إستخبارية مستعرة ستخلط كل صور المشهد الإقليمي المتشابك!