11 سبتمبر 2025
تسجيلإن المفهوم العام للبيئة لا يمكن حصره واختصاره بكلمات بسيطة لان البيئة لها أشكال كثيرة وشاملة ولها أنماط مختلفة مترابطة ولا يمكن للمفكرين والباحثين والمختصين الا أن يجتمعوا على تعريف واحد وبسيط وهو أن البيئة هي المحيط الذي نعيش فيه ونستمد حياتنا منه فهو الهواء والأرض والمياه. وجميع أشكال الحياة على كوكب الأرض بجميع أدواتها التي تشمل الغابات والصحارى والثلوج والبحار والغازات. والملاحظ الذي يراقب ما يدور حوله يرى أن العالم لم يهتم بالبيئة في الماضي مثل ما يراه اليوم من اهتمام عالمي ومحلي بقضايا البيئة ونسمع كثيرا هذه الأيام في القنوات والصحف عن التغيرات المناخية وآثارها المدمرة على كوكب الأرض وزادت المؤسسات والهيئات والجمعيات البيئية مع بداية القرن الحالي بشكل ملحوظ وملفت للنظر. وكانت دولتنا من الدول السباقة في الاهتمام بالبيئة بشكل عام والبيئة البحرية بشكل خاص. وكل ذلك الإشكال والدمار الواقع على البيئة ناتج من فعل الإنسان الذي تطاول وأسرف في العبث بالأدوات البيئية ونتج عن ذلك كله كوارث بيئية خطيرة أخذت أشكالا متعددة. وحيث إن الإنسان يعتبر أهم عامل حيوي في إحداث التغيير البيئي والإخلال الطبيعي البيولوجي، فمنذ وجوده وهو يتعامل مع مكونات البيئة، وكلما توالت الأعوام ازداد تحكماً وسلطاناً في البيئة، وخاصة بعد أن يسر له التقدم العلمي والتكنولوجي مزيداً من فرص إحداث التغير في البيئة وفقاً لازدياد حاجته إلى الغذاء والكساء. وإذا أردنا الحديث عن البيئة البحرية بشكل خاص فيمكننا القول إنها المحيط المائي الضخم وما تحتويه من أدوات تشمل الكائنات الحية التي تعيش فيه من الأسماك والثدييات والأشجار والكائنات الحية الدقيقة والجزر والخلجان والأنهار.. والنظام الفريد الذي يحكم البيئة البحرية هو نظام رباني وضعه الله للتوازن البيئي بين جميع هذه الأدوات. والإضرار بأداة واحدة ينتج عنه خلل بهذ النظام وأما عن تلوث البيئة البحرية فيمكننا القول إن للنظم البيئية المائية علاقات مباشرة وغير مباشرة بحياة الإنسان، فمياهها التي تتبخر تسقط في شكل أمطار ضرورية للحياة على اليابسة، ومدخراتها من المادة الحية النباتية والحيوانية تعتبر مدخرات غذائية للإنسانية جمعاء في المستقبل. كما تتميز البيئة البحرية بقدرتها على امتصاص ثاني أكسيد الكربون، وذلك من خلال عملية البناء الضوئي (التمثيل الكلوروفيلي) الذي تقوم به البلانكتونات النباتية العالقة في مياه البحر بكميات كبيرة، فتنفصل ذرات الكربون إلى مواد عضوية، وينطلق الأكسجين ليذوب في الماء فتتنفس به الكائنات الحية الأخرى في البيئة البحرية. وإذا ما عرفنا معدل غاز ثاني أكسيد الكربون على الأرض، وتزايده بدرجة كبيرة وخطره على الإنسان والبيئة بشكل عام، فإننا ندرك أهمية البيئة البحرية ودورها في المساهمة في التقليل من نسبته في الغلاف الجوي، كما أنها مصدر غذاء: قال تعالى: "وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحماً طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون" (سورة النحل آية 14) وتعتبر البيئة البحرية مصدر غذاء للإنسان وبقية الكائنات الأخرى، فهي تحتوي على كميات هائلة من الأنواع المختلفة من الأحياء البحرية ذات القيمة الغذائية العالية ومن أهمها الأسماك. كما أشير إلى أنها أيضا مورد للماء العذب: حيث إنها مصدر للمياه العذبة عن طريق التبخر، ومن ثم الأمطار؛ فكذلك بتحلية مياه البحر تمكنت العديد من الدول من حل مشاكل النقص في الموارد المائية العذبة، وحتى ديننا الإسلامي الحنيف حث على المحافظة على البيئة بجميع أشكالها وأنماطها وحرم الإفساد والتخريب والتلويث والتدمير بقوله (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) والواضح في الصورة الأولى يعتبر نوعا من التدمير والتخريب المنهي عنه في الدين سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر. وقوله تعالى ((وكلوا واشربوا ولا تسرفوا))، حيث إن الإسراف هو بحد ذاته استنزاف للثروات البيئية وينتج عنه إخلال في التوازن البيئي.. ومن المبادئ الاساسية في الإيمان هي النظافة: (النظافة من الإيمان)، والنظافة هنا تشمل جميع نواحي الحياة بداية من الإنسان نفسه ومرورا بمحيطه الذي يعيش فيه وهو البيئة. ومن هذا المنطلق وهذه المبادئ يتوجب علينا المحافظة على بيئتنا البحرية، ونحن اليوم بحاجه إلى أخلاق اجتماعية عصرية ترتبط باحترام البيئة، ولا يمكن أن نصل إلى هذه الأخلاق إلا بعد توعية حيوية توضح للإنسان مدى ارتباطه بالبيئة وتعلمه بأن حقوقه في البيئة يقابلها دائماً واجبات نحو البيئة، فليست هناك حقوق دون واجبات. وأن القوانين المعمول بها في الوقت الحاضر لا تكفي للحد من الإشكاليات والانتهاكات التي تتعرض لها البيئة البحرية وإذا استمر الوضع مثلما هو عليه سوف نأتي في يوم من الأيام ونبحث عن السمك ولن نجده والمراقب والملاحظ للصيد البحري يدرك جيدا أن نتائج الصيد قبل عشرة أو خمسة عشر عاما ليست مثل اليوم وعليه فانه يتوجب علينا نحن عشاق ومرتادي البحر ومسؤولين وإداريين تقديم كل ما هو أفضل للوصول إلى الهدف الرئيسي وهو جعل البيئة البحرية نظيفة ومستدامة والخروج معا بنتيجة ترضينا نحن أولا وترضي أجيالنا في المستقبل. ونأمل في الأيام القادمة مزيدا من الاهتمام والتأمل لمدي أهمية البيئة البحرية في حياتنا. واخيرا تابعوني قرائي الاعزاء بالجديد في سلسلة البيئات المختلفة.. وانا في انتظار آرائكم وردودكم المفيدة ودمتم سالمين.