11 سبتمبر 2025
تسجيلفي نهاية الشهر الماضي، وفي خضم عملية الاستفتاء على إقرار الدستور الدائم للدولة، تم الاستقطاع الأول لاشتراكات صندوق التقاعد، حيث تم خصم ما قيمته 5% من رواتب الموظفين القطريين. البعض منا ممن أنعم الله عليهم برواتب جيدة لم يلاحظ أو ينتبه لهذا الاستقطاع، والبعض الآخر بدأ يحسبها بالريال وأخذ يضرب أخماسا في أسداس خاصة إذا كانت عليه التزامات مالية أخرى لدى البنوك أو كان ممن ينطبق عليه دفع اشتراكات الصندوق عن سنوات خدمة سابقة ستشكل عبئا ماليا كبيرا عليه. قانون التقاعد بالرغم من أهميته غير واضح المعالم ويصعب فهمه على الكثير من الموظفين ويثير الكثير من علامات الاستفهام التي تتطلب شرحا موسعا من قبل هيئة التقاعد. ورغم أن قانون التقاعد أعطى الهيئة مدة 5 شهور لبدء تطبيق القانون بهدف تجهيز ما يلزم، إلاّ أن الهيئة حتى الآن بدون مقر ولايعرف الموظفون ما هي الجهة التي يراجعونها للرد على استفساراتهم. وقد ورد الى - الكثير من التساؤلات في هذا الشأن نحاول أن نوجزها في التالي: بموجب القانون يتم خصم الاشتراكات من تاريخ العمل بالقانون ووفقا للراتب الحالي، أما بخصوص سنوات الخدمة السابقة فيتم خصم الاشتراكات عنها بأثر رجعي منذ تاريخ تعيين الموظف بموجب تسوية تجرى بهذا الشأن، علما أن القانون أتاح تقسيط قيمة الاشتراكات السابقة على 5 سنوات. ومن غير الواضح، هل الخصم سيتم عنها وفق قيمة الراتب الحالي أم وفق قيمته بتاريخ تلك السنوات كل سنة على حدة. الموظفون الذين أنهوا خدماتهم في المؤسسات الحكومية ثم انتقلوا للعمل في مؤسسات أخرى خاضعة لقانون التقاعد سيفرض عليهم دفع الاشتراكات عن كافة السنوات السابقة رغم حصولهم على المكافأة عن وظائفهم الأولى. وسيجري الخصم بنسبة كبيرة من الراتب وهو ما يفرض أعباء مالية كبيرة عليهم. مكافأة نهاية الخدمة ستذهب لتغطية الاشتراكات والاستبدال على حساب الراتب وسيحرم منها الموظف مع أنها حق مكتسب له عن السنوات التي خدم فيها الدولة. وبهذه الصورة ستتبخر المكافأة لصرفها على الالتزامات التي حددها القانون. قامت الهيئة بخصم الاشتراكات لكي توفر سيولة مالية تتيح دفع المعاشات التقاعدية لمن يحالون إلى التقاعد، ولم تفتح الباب لقبول طلبات التقاعد لمن وصلوا لسن استحقاق المعاش كاملا. فهي أخذت الأموال بشكل مسبق ولم تقدم في المقابل الخدمة المطلوبة نظرا لأن العديد من الإجراءات المرتبطة بتطبيق القانون معطلة بسبب عدم صدور اللائحة التنفيذية له. الحاجة الى وضع نظام يجيز زيادة رواتب التقاعد بنسب محدودة لمقابلة الزيادة في مستوى المعيشة، وتمويلها من عائدات استثمارات اموال الهيئة. وبصرف النظر عن هذا وذاك، اعتقد أن القضية الأساسية الشائكة في قانون التقاعد هي موضوع سنوات الخدمة السابقة وإن خصم الاشتراكات عنها ستترتب عليه أعباء مالية باهظة على قطاع واسع من الموظفين. فإذا كان راتب الموظف على سبيل المثال 10 آلاف ريال ولديه خدمة 20 سنة في نفس المؤسسة، فإن الخصومات الشهرية ستكون في حدود 500 ريال (%5 من الراتب) وخصم السنوات السابقة سيكون 120.000 ريال موزعة على 5 سنوات في حدود 2000 ريال (20 % من الراتب) وعليه ستكون استقطاعات السنوات السابقة + الحالية في حدود %25 من الراتب وهو ما يمثل استقطاعا مكلفا على ميزانية الكثير من الموظفين. وستكون المأساة أكبر إذا أضفت إلى ذلك استقطاعات البنوك والالتزامات الأخرى. وخلاصة القول، إن استقطاعات صندوق التقاعد ستكون "خراب بيوت" كما عبّر عنها أحد الموظفين. فهو يعجز من ناحية عن أن يسدد للصندوق الالتزامات المستحقة عليه، ومن ناحية أخرى فهو قلق لعجزه عن توفير الاحتياجات المعيشية لعائلته بعد الاستقطاعات الحالية أو المرتقبة للسنوات الماضية. إن استقطاعات السنوات السابقة تحتاج إلى نظرة أخرى من قبل المسؤولين عن صندوق التقاعد. فإذا كان الهدف النبيل من الصندوق هو حفظ حياة كريمة لمن تقدم به العمر بعد خدمة طويلة في أروقة ومؤسسات الحكومة فإنه من الأولى ألا نثقل على كاهله بتحميله ما لا يطيقه قبل إحالته الى المعاش.