30 أكتوبر 2025

تسجيل

لعنة مصر والشام

18 مارس 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); منذ عامين تقريبا، وفي العاصمة باريس، قلت لأحد الصحفيين الفرنسيين الليبراليين: أرجو أن تنتبه شعوبكم إلى أن الطغيان الذي تدعمه أنظمتكم في بلادنا سيرتد عليكم بأوخم العواقب.قال: تقصد الإرهاب؟قلت: بل الطغيان نفسه، ستنتقل إليكم عدواه، التي صنعتموها في معاملكم، بأسرع مما تحسبون.ولأبدد أمارات التساؤل التي رأيتها على وجهه استشهدت بتاريخ بونابرت (نابليون) الذي جاء إلى مصر والشام محتلا، وهلل الشعب الفرنسي لطغيانه، فكانت النتيجة أن عاد إلى فرنسا ديكتاتورا مطلقا ليجهض ثورتها، ويؤجل حسمها نحو 9 عقود من المعاناة. وذكرته بأننا تخلصنا من طغيان بونابرت -الذي أطلق على نفسه اسما إمبراطوريا هو "نابليون" عندهم لا عندنا- ومن الاحتلال الفرنسي كله بعد 3 سنوات، بينما جثم الطغيان على أنفاسهم نحو 90 سنة.الفكرة التي قال محدّثي الدمث إنها "تصلح للتأمل" أصبحت بعد شهور واقعا كارثيا يفزع الغرب، يسمونه "الشعبوية اليمينية"، وينتشر ممثلوه عبر أوروبا وأمريكا وأستراليا، ومن أبرزهم في فرنسا آل "لوبان" الذين أوشكوا على الظفر بقيادة مجالس البلديات، لولا انتفاضة شعبية في اللحظات الأخيرة أوقفت تقدمهم، وإن لم تجهض كل مكاسبهم.وفي أمريكا هناك "دونالد ترامب" الممثل الأسوأ للشعبوية اليمينية، والذي توشك الصحف الأمريكية أن تُجمع على أنه ضيّع تراثا عريضا، ومزق الحزب الجمهوري الذي كان "أبراهام لنكولن" أول من مثله في البيت الأبيض. و"لنكولن" هو الرئيس الوحيد الذي أجمع عليه الأكاديميون والعامة، فهو بالنسبة إلى الأكاديميين أحد أفضل ثلاثة رؤساء (مع جورج واشنطن وفرانكلين روزفلت) ويتصدر استطلاعات رأي العامة، وبعده -على الترتيب- رونالد ريجان وبيل كلينتون.وتؤكد مجلة تايم (10 من مارس 2016) أن الأزمة ليست في شخص ترامب، بل في الفكرة ومناخها، حيث تقول "محاولة ترامب للاستحواذ على السلطة ليست هزيم رعد في يوم صاف، فقد استغرق الإعداد أعواما، وعندما يمكن أن تستقر العباءة التي ارتداها ريجان على أمثال ترامب، تكون هذه اللحظة هي نهاية حقبة، وتتطلب أن نفكر فيما حدث لحزبنا الجمهوري".وأوافق مضيفا: بل فكروا فيما جنيتموه على أمتكم، بدعمكم ديكتاتوريات العسكر في بلادنا. وتأملوا "لعنة مصر والشام" التي ارتدت جورا وطغيانا على فرنسا قديما، وها هي ترتد -مع تقدم وسائل الاتصال- على الغرب كله!