12 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الذي يتّجه إلى قلب العاصمة العمانية مسقط.. يستطيع أن يلاحظ اليوم على يمين شارع السلطان قابوس لافتة تحمل اسم "مركز تعليم اللغة الفارسية"، هذه اللغة التي تمكن من يتقنها من الاطلاع على التراث الحضاري لواحدة من أقدم الحضارات الإنسانية، كما تُمكنه من معرفة هذه الدولة التي تقع في شمال الخليج العربي... إلا أنّ أقصى ما نعرفه عن إيران هو ما بثته قنوات الأخبار من صراعها مع العراق سابقًا... وصراعها مع الغرب حول برنامجها النووي حاليًا... وما صاحبه من حملة لتخويف الخليجيين من هذا البلد الذي وإن اختلف عنّا في لغته إلا أنّه يلتقي معنا في الدين والجغرافيا والتاريخ... الذي لا يمكن أن نقلب صفحاته من دون أن نذكر عددا كبيرا من الأعلام من القادة والفقهاء والعلماء الذين أثروا الحضارة الإسلامية بجهودهم المميزة.ورغم أنّه لا حديث للشباب العمانيين وغيرهم من الخليجيين اليوم إلا الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الإيراني لعمان إلا أنّ كثيرا منهم... لا يزالون يجهلون هذا البلد، الذي أتت معارفنا القليلة به عن طريق الإعلام... وارتبطت في أكثرها بجوانب سلبية تتعلق بالرغبة في الهيمنة.. وزعزعة استقرار منطقة الخليج.. ودعم جماعات مسلحة تهدد بعض الدول العربية... ولكن لا نعرف أكثر من ذلك عن هذا البلد الكبير.. ليس فقط بعدد سكانه... ولكن بعمق حضارته... وتنوع جغرافيته... وثباته واستقراره كأهم الدول في منطقة الشرق الأوسط، ولم يحركنا الفضول يوماً إلى طرح تساؤلات من قبيل لماذا نجحت إيران في ترسيخ نظام حكم ديمقراطي في الوقت الذي لم تنجح فيه الدول العربية؟ ولماذا رسخت إيران التداول السلمي للسلطة في الوقت الذي فشلت فيه دول المنطقة العربية؟ لماذا نجحت إيران في بناء برنامج نووي في الوقت الذي لم تنجح في تحقيق ذلك أي دولة عربية؟ لماذا نجحت إيران في إجبار الغرب على احترامها في الوقت الذي فشلنا نحن في تحقيق ذلك وبالذات في المنطقة الخليجية... رغم تقديم القواعد وأموال البترول لهم.. لتمويل حروبهم ومغامراتهم في الشرق الأوسط؟ هناك سلسلة من الأسئلة التي يجب أن تحفز فضولنا لدراسة هذا البلد. الذي آن الأوان اليوم لننظر له نظرة مختلفة... ولأن نقرأ تاريخه المعاصر من زاوية أخرى غير تلك الزاوية الضيقة التي يراد لنا النظر إليه من خلالها..ورغم الاتفاقيات الكبيرة التي وقعت خلال زيارة الرئيس روحاني خلال الأسبوع الماضي، ورغم الحديث قبل الزيارة وبعدها عن الجسر الذي سيصل البلدين عبر ضفتي الخليج.. إلا أننا في الواقع نحتاج إلى تأسيس جسر معرفي يربطنا بهذا البلد الكبير.. نحتاج إلى أن نفتح الباب الثقافي والتعليمي.. بدلاً من أن نركز فقط على الباب السياسي والاقتصادي.. هؤلاء الشباب العمانيين والإيرانيين الذي يعايشون اليوم هذه التحولات التاريخية في المنطقة... وينظرون كيف يراهن العالم على هاتين الأمتين لتقومان بدورهما التاريخي.... من خلال تقديم رسالة مهمة وهي أن التعايش والتعاون والتسامح هي المفاتيح الرئيسة لاستقرار المنطقة... وبالتالي لابد أن يكون لدى الفريقين معرفة حقيقية ببعضهما البعض... معرفة لا تتشكل بناءً على أفكار مسبقة غير واقعية..إنّ الشباب العمانيين اليوم رغم معرفتهم القليلة بإيران إلا أنهم يحملون تصورات إيجابية عنها.. عندما طرح سؤال عليهم.. وهو "أذكر أبرز خمسة أشياء تعرفها عن إيران؟ ربطها كثير منهم بالمفردات الآتية "السجاد الإيراني"،و"الزعفران"، و"التاريخ العريق"، و"تعدد اللغات والقوميات"، "تمسك الإيرانيين بلغتهم"، و"التنوع الجغرافي"، و"القوة البشرية"، و"القدرة على الابتكار رغم معاداة الغرب"، و"الثقة والإصرار في أن تكون رقما مهابا وله ثقله في عالم الكبار"، و"الزراعة"، "طب العيون في مشهد"، "والمفاعل النووي"، "والثورة الإيرانية"، و"الانتخابات"، و"الحكم الإسلامي"، "الصراع مع الغرب"، "دولة متقدمة تكنولوجياً وعلمياً"، "السياحة الدينية"، "دولة استطاعت أن تتغلب على الحصار الغربي"، ورغم أن الكلمات تعطي مؤشرًا على أنّ العمانيين هم أكثر شعوب المنطقة إيجابية في حديثهم عن إيران.. إلا أنّ هذه المعرفة لا تزال محدودة جدًا بإيران... ولا يستطيع أيّ من هؤلاء أن يفصل كثيرًا في النقاط التي ذكرت.... وهذا ما جعل أحدهم يقول رداً عن هذا السؤال "لم أقرأ عن إيران.. وهذا تقصير نمارسه في حق أنفسنا.. منذ فترة قرأت موضوعاً عن الزعفران في إيران نشرته مجلة العربي".إنّ الثقافة الإيرانية... بدأت تنتشر في أوساط العمانيين ببطء من خلال الغذاء والحلويات.التي تقدم في المطاعم الإيرانية القليلة الموجودة في العاصمة مسقط..ويبدو أنّ الطعم الطيب لهذه الحلويات ولزيارة الرئيس روحاني سيحفز كثيراً من الشباب العمانيين على دراسة هذه الدولة الجارة.التي تقيم معها بلدهم هذه العلاقات المميزة.... ومن المتوقع أن يأتي مع المفاعل النووي التعليمي لجامعة السلطان قابوس..خبرات أكاديمية إيرانية ستعطي تنوعا وثراءً لهذه الجامعة.. التي يجب أن تجعل مجموعات من طلبتها ترسو بقواربها في الضفة الشمالية من الخليج من أجل التعرف عن قرب على الفرص التدريبية والتعليمية التي تقدمها هذه الدولة.عندما فتح المسلمون بلاد فارس... أثر هذا الفتح بصورة كبيرة في تقدم الحضارة الإسلامية.. لأن المسلمين.. أفادوا من مختلف العلوم التي نبغ فيه أتباع هذه الحضارة.. ولدى هذه الدولة اليوم الكثير لنتعلمه ونستفيد منه إذا ما نجحنا في تأسيس مرحلة جديدة تقوم على إقامة علاقات تتركز على تبادل المصالح والمنافع.. وحتى يتحقق لنا ذلك لابد أن نعرفها عن قرب.. فلا يكفي أن يكون لحكومتنا ورجال أعمالنا.. اتفاقيات وتفاهمات متعددة معها.. ولكننا لا نعرف عنها إلا اسمها أو الزعفران الذي لا نتلذذ بالقهوة العمانية إلا به، ويبدو أن درسا واحدا يقدم لطلبة الحلقة الثانية من التعليم الأساس غير كافٍ لتكوين صورة واضحة عن هذا البلد.... نحتاج اليوم لنفتح أكثر من نافذة لنعرف هذا البلد.. بصورة أكثر عمقاً.كاتب عماني