12 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); خلال عقود مضت كان هناك التزام أمريكي بأمن الخليج، تم التعبير عنه بعقد العديد من الاتفاقيات الأمنية، ولكن هذا الالتزام أصبح موضع تساؤل بعد الاتفاق الأمريكي الإيراني في ديسمبر من العام الماضي، ولذا كان من المنطقي أن يتساءل الخليجيون كيف يمكن للأمريكيين أن يوفقوا بين علاقتهم مع إيران والتزامهم بالحفاظ على أمن الدول الخليجية؟ وهذا ما جعل الدكتور زهير الحارثي يطرح مجموعة من الأسئلة المرتبطة في صحيفة الرياض، ومنها: هل العلاقات السعودية – الأمريكية تتجه نحو الانهيار؟ أم أن العلاقة البراجماتية المرتبطة بالمصالح المتبادلة والتي أنقذتها في مراحل سابقة قادرة على أن تعيدها إلى وضعها الطبيعي؟ وهل لدى السعودية أوراق ضغط كفيلة بتصويب مسار هذه العلاقة؟ وهل ستفرط واشنطن في علاقة استراتيجية تجاوزت الثمانية عقود مع حليفتها أم أنها سحابة عابرة لا تلبث أن تتلاشى؟ وفي هذا الشأن يرى فريدريك في مقالته التي نشرها مركز كارنجي في 10 مارس 2014م تحت عنوان «مقاربة أمريكية جديدة لأمن الخليج أن توتر علاقات الولايات المتحدة مع دول الخليج يعود إلى «السياسات المتباينة تجاه التغيرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والمخاوف التي تعتري دول الخليج من أن تتخلى الولايات المتحدة عنها، فضلاً عن التوترات غير المسبوقة داخل دول الخليج»، ومرد هذه السياسات المتباينة هو تحول الموقف الأمريكي من العلاقة مع إيران، وفي الوقت نفسه مطالبتها الدائمة بإحداث إصلاحات ديمقراطية في البلدان الخليجية، ويرى فردريك أن على الولايات المتحدة أن «... تركز أكثر على تعزيز الإصلاحات السياسية وكذلك على إصلاح قطاع أمن في منطقة الخليج، فهذه أمور تعتبر بالغة الأهمية لاستقرار المنطقة على المدى الطويل وهي يمكن أن تتحقق من خلال قيام واشنطن بدمج استخدام الأدوات الدبلوماسية والعسكرية على أفضل وجه». وفيما يتعلق بالمخاوف من التحول في العلاقات الأمريكية الإيرانية وأثره على المنطقة الخليجية، يرى بعض الخبراء في هذا الشأن أنه حتى قبل حدوث هذا التحول في الموقف الأمريكي نحو إيران، كانت دول الخليج متحفظة ضد أي احتمال لاستخدام أراضيها لضرب إيران، حيث قال وزير الداخلية السعودي السابق الأمير نايف بن عبدالعزيز أن «دول الخليج العربية لن تكون منصة لأي هجوم عسكري على إيران»، وأكد الشيخ جابر المبارك وزير الدفاع الكويتي في أحد تصريحاته الصحفية أن أمريكا لم تطلب استخدام أراضي الكويت لضرب إيران، ولو طلبت «فإننا لن نسمح به أبداً»، وهو نفس الموقف الذي عبر عنه الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة أن بلاده «ليست طرفاً في النزاع بين طهران وواشنطن...لن نسمح باستخدام أراضينا لأي أعمال عسكرية أو أمنية أو تجسسية ضد إيران». ويبدو أن دول الخليج تدرك أن إيران تمثل قوة عسكرية لابد أن توازن علاقتها معها حتى وإن ظلت تتوجس من سياساتها داخل المنطقة، وهو نفس الموقف الخليجي من الولايات المتحدة اليوم التي تثير مواقفها هواجس لدى دول المنطقة. أما الموقف الأمريكي من مطالبة دول الخليج بإحداث إصلاحات مؤسساتية مرتبطة بتعزيز الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان، فهو يمثل إحدى نقاط الخلاف بين دول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية، ففي حين ترى الولايات المتحدة أن هذا التوجه سوف يعزز من استقرار المنطقة على المدى الطويل، ويقلل من حدة التوترات والقلاقل التي يمكن أن تكون أوسع نطاقا مما حدث في بعض دول المنطقة مع انطلاق ثورات الربيع العربي في عام 2011م، ترى فيه دول الخليج تدخلا في شؤونها، ومحاولة إلى دفع دول الخليج إلى إرساء دعائم ديمقراطية غربية لا تتلاءم وطبيعة الحكم في دول المنطقة، وتركيبتها السكانية المختلفة لصالح السكان الوافدين، وبالتالي فإن سياسات دول الخليج ربما غير متوافقة مع الرؤية الأمريكية رغم بعض الإصلاحات التي تبنتها لإفساح المجال لمواطنيها للمشاركة في اتخاذ القرار، وأيضا تأسيس لجان وطنية لحقوق الإنسان تتولى رصد أي انتهاكات في هذا الشأن. ورغم التوجس الذي يشعر به الخليجيون من موقف الولايات المتحدة إلا أن المعطيات القائمة تشير إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تركز على العامل العسكري أكثر من تركيزها على الجانب الإصلاحي الديمقراطي، فالإدارة الأمريكية في عهد الرئيس باراك أوباما قلصت برامجها لتعزيز الديمقراطية وفي مقدمتها مبادرة الشراكة الشرق أوسطية التي واجهت معارضة شديدة من دول الخليج، في الوقت الذي استمرت في تعزيز الجانب العسكري المتمثل في عقد صفقات الأسلحة مع دول الخليج، كما أعلنت عزمها على توسيع مقر الأسطول الخامس التابع للبحرية الأمريكية في البحرين، وهو ما يمثل مؤشر طمأنة في ظل وجود مؤشرات توجس أخرى. وأيا كانت المؤشرات تنحى نحو التقارب أو التباعد تجاه القضايا المشتركة التي تؤثر في الأمن الإقليمي سواء الصراع في سوريا، والبرنامج النووي الإيراني، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والتحولات في مصر، إلا أن هناك شعورا لدى بعض دول المنطقة وبالذات السعودية من غموض الموقف الأمريكي، وهو ما عبر عنه سايمون هندرسون الخبير في شؤون دول الخليج بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أن هناك شعور لدى السعوديين بأن الرئيس باراك أوباما وإدارته «صموا آذانهم عن المصالح السعودية». وهو ما يعني أن تطورات الأحداث حول هذه الملفات في الأشهر القادمة ستكون كفيلة بتعميق هذا الشعور، أو إيجاد توافق يسهم في الحفاظ على استقرار المنطقة خاصة في ظل الانقسام بين دول الخليج، وسحب السفراء الثلاثة من دولة قطر، والانزعاج السعودي من التقارب العماني الإيراني.