15 سبتمبر 2025

تسجيل

يوم واحد لا يكفي

18 مارس 2012

نقترب هذه الايام مما يسمونه (عيد الام) الذى تحتفل به بلاد كثيرة جعلوا من يوم 21 مارس يوما للأم فهل يوم واحد يكفى لكى نحتفل بأمهاتنا؟ لكى نتذكرهن ونحتفى بهن؟ أنا لا أمانع الفكرة لان فيها سعادة تدخل على قلب الأم ولكنى اعترض على تحديد يوم واحد فى السنة للاحتفال بالأم بل يجب ان تكون كل ايام السنة احتفالا بالام، وهذا ليس بالكثير على الأم. ان عيد الأم يناسب الثقافة الغربية ويتفق مع اسلوب الحياة هناك اكثر بكثير من الدول الشرقية لانهم يعتبرون هذا اليوم مناسبة ليروا امهاتهم فى ظل الحياة العملية التى لا تهتم كثيرا بالجوانب الأسرية والمودة والرحمة التى تملأ البيوت الاسلامية، التى تتبع هدى النبى محمد صلى الله عليه وسلم الذى اولى الأم منزلة خاصة وكرمها وجعلها أحق الناس بحسن الصحابة وجعل دخول الجنة مرتبط بطاعة الأم، ورضى الرب من رضاها هى، فجعل الجنة تحت اقدامها وفي كتابه الكريم حين نقرأ قول الله تعالى "وبالوالدين احسانا" فالاسلام جعل للأم منزلة ومكانة أعلى وأقدر من كل المنازل دون ان يحدد لها يوما او عيدا باسمها،بل أمرنا بالطاعة والمحبة وأن نخفض للوالدين جناح الذل من الرحمة وأن نرحمهما ونرعاهما، فلذلك أولى بنا أن نستغل هذا اليوم الذى يقال عنه عيد الام وان ننمى داخل أولادنا احترام الام بدلا من الاحتفال الاجوف الذى ينتهى بهدية او ما شابه، وان نحضر لها هدية دائمة مدى الحياة هديه من الاحترام والتقدير وان نجعلها فى المنزلة التى تناسبها وتناسب المكانة التى تستحقها، فنحن نرى فى هذه الأيام من العجب الكثير فهناك أبناء تتعجب عندما تسمع طريقة التحاور مع أمهاتهم، فقد يخيل اليك انها ليست امه فتجد الصوت المرتفع والالفاظ غير اللائقة وكأنه لا يعلم ان من يخاطبها هى امه التى حملته تسعة اشهر في بطنها وتحملت الآم الحمل ووضعت وربت وسهرت وتحملت من اجله الكثير حتى اصبح ذلك الرجل الذى يقف امامها الان ويرفع صوته أو يده احيانا، والاصعب من ذلك من تطاوعه نفسه ويضع امه فى دار العجزة لأن زوجته لا تتحمل وجود أمه معها، او انه لم يصبح قادرا على تحملها ورعايتها وتحمل آلامها وأوجاعها هى من تحملته وتحملت اوجاعه ومتاعبه طوال السنين ولم تشتك يوما او تتذمر بل كانت ترعاه وهى سعيدة به، ترى شبابها فى شبابه هو، ترى قوتها فى قوته،وسعادتها فى سعادته، ونجاحها واحلامها تراها فيه يكبر يوما بعد يوم. ويكون رد الجميل أن يضعها فى دار للعجزة دون أدنى شعور بالذنب او إحساس بمشاعر الام وآلامها النفسية التى يسببها لها بتصرفه الجاحد غير اللائق، وهذا نموذج للعقوق.. وهناك من الأبناء من يسب امه او يتمادى الى اكثر من ذلك فتجد من يضرب امه أو يقتلها، ان هذه النماذج موجودة بالفعل ونراها او نسمع عنها فاولى بنا أن يكون عيد الام هو يوم لمراجعة الاخلاق وتقويمها ومحاسبة النفس عن أى تقصير فى حق الأم، وان يقف كل واحد منا أمام المرآة وينظر الى نفسه ويراجع أفعاله وأقواله مع أمه ويضع لنفسه تقييما حقيقيا ويرى سلبياته ويرى نقاط الضعف فى العلاقة مع أمه، ويقرر ألا يعود اليها مرة أخرى، فالام تستحق من أولادها أكثر من ذلك، تستحق أن تكون طريقهم الى الجنة وتستحق أن توضع فوق الرؤوس كريمة عزيزة بقدر ما أعطت وبقدر ما ضحت. وأخيرا هذا ما أتمناه أن يكون فى يوم الأم أو عيد الام، أن يكون يوم الاحتفال باحترام الام لا بالهدايا فقط وبعد ذلك نعود الى ما كنا عليه اود ان تكون هناك وقفة مع النفس في كل السلبيات مع الام دون رجوع، وان تكون الام مكرمة فى كل يوم فى السنة لا في يوم واحد لان يوما واحدا لا يكفي. وسلامتكم. [email protected]