18 سبتمبر 2025
تسجيلمساعي مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة العربية توجت بنتائج عملية ملموسة كان أبرزها تشكيل تحالف إسلامي عسكري بقيادة السعودية انخرطت فيه أكثر من عشرين دولة عربية وإسلامية بهدف محاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومذاهبه لحماية السلام وضمان الاستقرار في منطقة مشتعلة، وكان هذا التحالف فارقا بين مرحتلين الأولى اتسمت بتنافر دول المحور السني وعلى رأسها السعودية وتركيا، وشيطنة تنظيمات الاعتدال في تيارالإسلام السياسي التي أسهمت بقدر كبير في ثورات الربيع العربي وما نتج عن ذلك من تهتك في البنية الداخلية لعدد من الدول العربية وضرب الاستقرار المجتمعي والسياسي لدولة محورية مثل مصر ماجعلها تتوارى عن الفعل الإقليمي المؤثر إلى درجة أنها لا ترى ما يجري في سوريا تهديدا للأمن القومي العربي، وكأن الوجود الروسي والإيراني هناك لمجرد السياحة فقط . أما المرحلة الثانية فقد اتسمت بإعادة النظر في السياسات السابقة التي أشعلت معارك عبثية في أزمنة وأمكنة خطأ والأهم إعادة تعريف من هم الأصدقاء ومن هم الخصوم ؟ خاصة بعد بدء العمل باتفاق دول 5+1 مع إيران بشأن ملفها النووي وانكشاف خيوط اللعبة وإدراك أطراف عربية أن إدارة العلاقة مع طهران ومواجهة سياساتها العدائية وطموحاتها الإقليمية لا يمكن أن يستند إلى دعم غربي أو أمريكي واضح. كثير من العرب لم يكن يؤمن بمقولة ابن المقفع " أكلت يوم أكل الثور الأبيض " ولذلك عندما ضرب الأمريكيون أسوار بغداد وأسقط صدام حسين احتفلت بذلك عواصم عربية على اعتبار أن انتهاء الحرب الإيرانية العراقية حولت صدام من مدافع عن البوابة الشرقية للعالم العربي إلى مصدر خطر، خاصة بعد أن أغراه الأمريكيون أنفسهم باحتلال دولة الكويت لينالوا بعد ذلك شرف تحريرها، وهنا يمكن القول إن إيران الفارسية تخلصت بشكل نهائي من أي مصدات أو كوابح تمنع مدها الثوري ونفوذها وماهي إلا سنوات قليلة من العمل الاستخباري والدعم المالي السخي لقوى وأطراف مذهبية عربية حتى أصبحت أربع عواصم تحت السيطرة الإيرانية وبمباركة كل الآيات والملالي الذين يتفقون على أن الخطر الذي يهدد إيران وإسلامها " المحمدي " لا يأتي من إسرائيل بل من السعودية زعيمة الإسلام "الأمريكي" وهذه مغالطات ما كان لها أن تتكشف لولا ما يجري الآن في سوريا واليمن ، فقد اتضح لكل اليمنيين أن شعار الثورة الإسلامية الإيرانية " الموت لأمريكا والموت لأسرائيل" لم يكن إلا شعارا مضللا إذ لم يقتل أمريكي واحد ولا إسرائيلي واحد في اليمن بل يهتف الحوثيون بهذا الشعار عند إراقة دماء بني جلدتهم أما أمريكا المعنية باللعنات والموت فإنها ترى في الحوثيين ذلك المختلف الذي يعبر عن خيارها الاستراتيجي وهو الإسلام المحمدي أو إسلام إيران عنوان المرحلة، وفي سوريا انكشف الدور الأمريكي المخادع الذي سمح للطائرات الروسية بقصف المستشفيات وقتل المدنيين بينما تتباكي الخارجية الأمريكية على قصف المدافع التركية مواقع مسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني السوري . كانت السياسة الإيرانية تضع نصب عينيها تحقيق أهداف أكبر من مجرد أربع عواصم عربية، تجلى طموحها المجنون بعد حادثة الحجاج عندما تعالت أصوات بضرورة إعادة النظر في وضع مكة المكرمة والمدينة المنورة ولا بأس من إزاحة أئمة الإسلام الأمريكي وإحلال آيات الإسلام المحمدي تماما كما حدث في منابر مساجد صنعاء بعد انقلاب 21 سبتمبر 2014 لكن بدى ذلك حلما بعيد المنال عندما حزمت دول مجلس التعاون الخليجي أمرها ونحت الخلافات جانبا وأعادت العافية السياسية للفعل العربي المؤثر وأدركت السعودية خطأ سياساتها السابقة وحاجتها لإعادة اللحمة السنية فتصالحت مع تيارات ناصبتها العداء بعد ثورات الربيع العربي ، حيث فوجئ العالم بعمل عسكري عربي ضد اختطاف السلطة في اليمن وتحالف عسكري إسلامي يعيد صياغة أمن دفاعي مشترك لكل دوله الأعضاء ، ولكي لا يقال بأن مشروعات العرب والمسلمين عادة ما تكون حبرا على ورق، يجري هذه الأيام تنفيذ تمرين عسكري لقوات التحالف العسكري الإسلامي وصفته وسائل إعلام غربية بأنه الأكبر في تاريخ المنطقة العربية حيث أنه ينفذ سيناريوهات محتملة تحاكي الأوضاع الإقليمية والتطورات الراهنة ، وهذا يعني رسالة قوية لروسيا وإيران قد تغير المعادلة أو على الأقل تخلق توازن الرعب .