31 أكتوبر 2025

تسجيل

التمس لأخيك العذر

18 فبراير 2016

إن الله تعالى اختص أمة الإسلام بالقرآن العظيم والحبل المتين الذي أنزله الله تعالى تبيانا لكل شيء وهاديا للتي هي أقوم ، فشمل أسس الأحكام وكليات الشريعة وقواعد الملة، فجعل من خصائص الدين شموليته في تناوله للأمور من جميع زواياها وأطرافها ومقوماتها، فالمنهج الإسلامي انطلاقة للحياة على الأرض وليس مجموعة من الكلمات والتعاليم التي تضمها الأوراق أو تتناقلها الألسنة، فهو وحدة لا تنفصم ولا تتقطع أوصالها بل يشمل الاعتقاد في الضمير والتنظيم في الحياة بترابط وتداخل لا يمكن فصله أو تقطيعه لأن فصله تمزيق وإفساد للدين، فكم مرة ظلمنا أحبة لنا دون أن نعلم خلفيات ظروفهم و أسباب تصرفاتهم لماذا نطلق الحكم قبل أن نعرف الأسباب و ونفهم الظروف ، فالخطأ سلوك بشري لا بد ان نقع فيه حكماء كنا او جهلاء فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، فليس من المعقول أن يكون الخطأ صغيرا فنكبره و نضخمه ولابد من معالجة الخطأ بحكمة وروية وأيا كان الأمر فإننا نحتاج بين وقت وآخر إلى مراجعة أساليبنا في معالجة الأخطاء، فشخصية المسلم ترتكز على الإيمان والبر والتقوى وعلى مسئولية الاختيار والصدق والتسامح والتعاون والقناعة، وكثير من هذه الخصال تشجع على إنماء الشخصية واكتمالها بقصد السعادة النفسية الشاملة التي تحقق للمسلم حياة آمنة مطمئنة ونجاة من الشدائد يوم القيامة.قال أحد الصالحين: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرا، فإن لم تجد له عذرا فقل لعل له عذر، وحينما تجد إنسانا عصبيا سريع الاشتعال، فتأكد أن ضغطا ما أو ظرفا اضطراريا قد كسر قلبه وأدماه، لذلك اقول دائما التمسوا العذر لأحبتكم ،فلا تعلمون ما بداخلهم إذا رأيت علاقة ناجحة بين اثنين فاعلم انه ليس شرط انهم متفقون في جميع الأمور ولكن تأكد ان واحد منهم يتحمل الاخر، وإذا رأيت شخصا يسامحك كثيرا فاعلم إنه يحترمك لدرجة كبيرة ولا يريد أن يخسرك فلا تتمادى بأخطائك، فالناس أذواق مختلفة فلو أن ذوقك مثل هذا وذاك لانعدمت لذة إعجابك بأحدهم ثم فقدت أنت بصمتك، إن النملة إذا وضعت أُصبعك أمامها وهي تسير لا تقف بل تحاول تغيير اتجاهها وتستمر في طريقها، فما بال أحدنا يضرب برأسه إذا حصل له عائق ولا يفكر في تغيير طريقه ما دامت الإمكانات تسمح والهدف يقبل،فإن الخالق سبحانه وتعالى يعفو عن المخطئ ولربما أنه يكون قد فعل ذلك بغير قصد فيرفع الله عن العبد المخطئ الحرج والإثم، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه) رواه ابن ماجة، فلقد كانت الأمم السابقة تؤاخذ على أخطائها وتحاسب على جميع أفعالها، دون أن تكون مبررات الجهل أو النسيان شفيعة لهم أو سببا في التجاوز عنهم، في حين أن هذه الأغلال قد رفعت عن هذه الأمة استجابةً لدعائهم ورحمةً من الله بهم، كما جاء ذلك في قول الله تعالى:(ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)البقرة : 286 ، فسبحان من جعل الابتسامة في ديننا عبادة نؤجر عليها، فالابتسامة لا تشتري لك خبزا لكنها تشتري لك أرواحا، ففي مكة نختلط رجال ونساء ويبقى بيننا الادب الرباني، فعش عفويتك تاركا للناس إثم الظنون، فلك أجرهم ولهم ذنب ما يعتقدون، فالنهاية السعيدة هي الوقوف على باب الجنة في انتظار إذن الدخول ، انتبه لأسلوبك في الاعتذار فانتزاع السهم من الجرح أوجع من اختراقه فأنت تريد الستر عندما تخطئ وهم كذلك يريدون الستر عندما يخطئون، فلا تفضح أحدا أبدا لكي تنال ستر الله عليك.