01 أكتوبر 2025
تسجيلوقعت بالصدفة اثناء ابحاري في عالم الانترنت على قصة جميلة يحكي فيها شاب إماراتي معاناته مع عائلة والده والتي نبذته منذ طفولته بسبب والدته الهندية وكيف كان ينادى دائما داخل أسوار منزله "بابن الهندية "حتى نسي اسمه الحقيقي, ولم تتقبله عائلته وتعترف به إلا بعد بزوغ نجمه وحصوله على اعلى المراتب في عمله, وسواء كانت القصة حقيقية أو خيالية فقد أعجبتني وذكرتني بالواقع المرير الذي يعيشه البعض من أبناء الأمهات الاجنبيات والذين يدفعون ثمن نزوات أبائهم طوال حياتهم فيتعرضون للسخرية والألقاب المهينة والظلم والذي قد يصل في بعض الأحيان لحرمانهم من حقوقهم في الجنسية والإرث ,هذه المعاناة التي يتعرض لها الكثيرون بسبب لونهم أو عرقهم والتي تتعارض مع ديننا الذي يحث على العدل والمساواة بين بني البشر والبعد عن التنابز بالألقاب تطرح سؤالا مهما وملحا لماذا يتم قمع المختلف عنا سواء في لونه أو جنسيته ؟ , ولماذا لا نعترف باختلاف الآخرين ونحترمهم كما هم؟ الانحياز لذات العرق والجنس يكاد يكون توجها بشريا عاما وفطريا إلا أن هذا التوجه قد يكون حجر عثرة في طريق بناء الأمم وتطورها فعندما ينظر لفئة معينة دون غيرها على أنها تستحق افضل معاملة ,فهذا الأمر يقود إلى هدر حقوق الفئات الأخرى وظلمهم, وهذه العنصرية الذميمة والتي تدمر المجتمعات حاربها الدين الإسلامي منذ البداية فجعل التقوى هي المعيار الوحيد للتمايز بين الإخرين وليس معايير النسب واللون . من الصعب حصر العنصرية في عالمنا العربي في جانب واحد كالزواج مثلا فمشاعر العنصرية تطغى على جوانب كثيرة ومختلفة في حياتنا وتؤثر عليها سلبا, بل أنها توجد حتى بين شعوب الأقطار العربية تجاه بعضهم البعض ,وهناك شعور بالتعالي والتفوق بين هذا الشعب وذاك وبدرجات متفاوتة, وهذا الأمر يدعو للقلق فالعنصرية ستبقى حجر عثرة أمام الوحدة العربية التي نطمح لها جميعا, فطالما بقيت تلك المشاعر والسلوكيات العنصرية بيننا سنبقى مشتتين وضعفاء أمام اعدائنا. وللأسف أن العنصرية وصلت حتى إلى الإعلام العربي على الرغم من أن صناعة الإعلام يجب أن تنأى بنفسها بعيدا عن الممارسات العنصرية التي تساهم في زيادة الهوة بين الشعوب العربية, فما يكاد يقع خلاف بين دولتين عربتين حتى تسارع القنوات الفضائية والصحف في كلا الدولتين إلى التراشق الإعلامي وتبادل التهم والاساءة للشعوب , وفي السينما العربية مازالت عقلية صناعي الأفلام والبرامج الترفيهية عنصرية تجاه الخليجيين و اصحاب البشرة السوداء والذين يظهرون في الغالب بشخصيات( الساذج والخادم والكسلان) , بينما يتم تقديم شخصية الخليجي في معظم الأفلام العربية بطريقة سلبية وعدائية كشخص ثري وسطحي يحاول شراء النساء بأمواله., هذه التصنيفات العربية – العربية وهذه العنصرية الإعلامية المتبادلة والتي وصلت حتى إلى الأخبار والبرامج الوثائقية التي تتسم بالجدية هي انعكاس حقيقي لواقعنا المليء بالعنصرية تجاه بعضنا البعض,فكيف نلوم الغرب وإعلامه على الصورة المشوهة للعرب بينما نحن نتسابق في الاساءة لبعضنا البعض واحيانا بلا سبب؟! الكثير منا يدعي أنه يمقت ازدراء الآخرين ولم يمارس العنصرية وإقصاء الآخر ونبذه بسبب -لونه أو جنسيته أو وظيفته- بحجة أن التعصب ضد مبادىء ديننا وأن ما يطلق من مفردات على الآخرين "كالعبد" و"ابن الهندية" و"بدوي" و"صانع" وغيرها من المفردات ذات الطابع الاقصائي مجرد دعابة أو مجرد كلمات جرت على الألسن ليس ألا ,ولكن السلوكيات التي نشاهدها والعبارات التي نسمعها في كل يوم سواء داخل منازلنا أو في حواراتنا اليومية أو في الشارع تثبت العكس وتؤكد لي أننا متعصبون فعلا ونعشق الإنكار و البقاء داخل بالون من الأكاذيب والأوهام .