14 سبتمبر 2025
تسجيلالمكان الأول: شرفة زجاجية دافئة تستريح على كتف «الفيلا» الجنوبي، حرارة «الشوفاج» تثير مشاعر الزجاج فيدمع ذوباً ورقة، طقطقة الحطب المشتعل في المدخنة يُهذّب كل رياح الشمال ويعزف للثلج موسيقى هطوله، لماذا يهطل بحركة صاخبة وصمت متحرك؟! صقّعتْ جداً أعشاب الرصيف وزهوره البرّية، ماذا يحصل في الخارج؟! لماذا ترتدي الطبيعة طرحتها البيضاء اليوم وتخلع من قلبها تفاصيل الجمال؟!أظنّ أنها مواسم يوم التقيا..آن هطلت على قرميده دفئاً وثلجاً، تمنّت طويلاً لو تُشعل الذاكرة علّ هذا الهطول يدوم.. المكان الثاني: غرفة دافئة تستريح بحضن الديار، حرارة «الصوبيا» تقهر البرد المتربص أمام الباب وتُثير حفيظة باقي الغرف، خاصة المطبخ والحمّام، لكنها ترأف بحال الثياب المعلقة على حمّالتها، طشطشة الماء المخلوط مع المازوت تغيظ الآذان وتثير خوف الانطفاء، لماذا تنطفئ العواطف الجميلة مع مرور الوقت مع أن الثلج يندف في الخارج والطبيعة تستكين تحت الغطاء الأبيض؟. لا شك أنها تشعر الآن بالبرد والقهر، لا يد حنون تدفئ يدها، يدٌ تحسب ما تبقّى من ثمن المازوت حتى آخر الشهر، آه لو أن الذاكرة كشريط «فيديو» نُلغي منه المقطع الذي نريد علّ هذا الهطول الأبيض يتوقف..يتوقف.. المكان الثالث: يحرس الثلج كلّ الأبواب الخشبية الصغيرة والبوابات الحديدية الكبيرة، مداخل الأبنية والمدارس والجامعات، من يحرس الثلج؟!كلّ الثلوج تؤدي إلى قلبها، أي إلى الشآم.. المكان الأخير: خيمة على الحدودغطتها الثلوج، وضعت صغيرها بين أضلاعها، وفيروز في ذاكرتها، تحاول تنظيف ما علق من تصريحات ومن وسخ الأولاد السُذج، آه كم يحب المرء أن يحتفظ لمعشوقه بكل النصاعة، تُغني بلا صوت وبلا منام: «يلاّتنام، يلاّ تنام» / يا ميمتي، يا نار وجداني ويا برد السلام / ماذا وإن هدهدتُ للصبح الكلام؟! / لا.. لن تُصدقني ولو / من باحة الأمويِّ أحضرت اليمام / أغمضْ حبيبي / فالأغاني هابطةْ / وكذا الضمائرُ صامتةْ / متّ يا صغيري / لا تنم فوق الثلوج فكلنا / أموات مثلك في البلاد الميّتة.. المكان القادم:؟؟!