13 سبتمبر 2025

تسجيل

الاستثمار في الإرهاب

18 يناير 2015

يبدو أن ما يسمى "الإرهاب" تحول إلى استثمار دولي وتجارة رابحة، تدر على أصحابها المليارات إلى جانب السلطة والنفوذ، فالناظر إلى الحركة السياسية والإعلامية الدولية يجد أن مصطلح "إرهاب" الأكثر تداولا وانتشارا، حتى صارت "طبقا رئيسيا" في كل الوجبات الإخبارية في أنحاء العالم.لا يستخدم هذا المصطلح حاليا إلا للإشارة إلى الإسلام، فالحديث يطالب "الإسلام الإرهابي" و"الحركات الإسلامية الإرهابية" و"الإرهاب الجهادي" أو "الجهاديين" التي صارت تعني حكما "الإرهابيين"، وهذا يؤكد أن الإسلام وليس غيره هو المستهدف بما يسمى "الحرب على الإرهاب" رغم وضع بعض "الآخرين" هنا وهناك كحالة تجميلية لقوائم "الإرهاب والإرهابيين" الغربية، الأوروبية والأمريكية" والتي يشاركها في بعضها روسيا والصين أيضا.استنفرت حكومات أوروبا وأمريكا كل قواها من أجل "الحرب على الإرهاب"، وحشدت كل قواها بعد الهجوم على صحيفة "تشارلي إبدو" التي أهانت الرسول صلى الله عليه وسلم، واستهزأت به في رسومات ساخرة، وصورت المآذن على أنها قاذفات للصواريخ والقرآن الكريم على أنه وعاء لصناعة الإرهاب، وجمعت فرنسا 50 دولة في مظاهرة تندد بـ"الإرهاب الإسلامي"، في مسيرة غير مسبوقة، يشارك فيها رؤساء وملوك ورؤساء وزارات ووزراء، وتحول الإعلام العالمي إلى جوقة يعزف "لحنا جنائزيا" على استهداف "الإرهاب الإسلامي للحضارة والحرية والقيم الغربية"، وسارعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الدعوة إلى مؤتمر لمكافحة "الإرهاب" في 18 فبراير المقبل، وهو المؤتمر الذي ستجر إليه الدول جرا.المفارقة المقلقة والتي تثير الشك هي أن نفس هذه الدول التي تحاول أن تخلق "إجماعا مصنعا لمحاربة الإرهاب"، مارست الإرهاب فعليا واقترفت المجازر والمذابح وقتلت الملايين، وهي التي أيدت إرهاب صحيفة تشارلي إبدو التي مارسته ضد الإسلام والمسلمين والرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، بحجة "حرية التعبير"، وهي ذات الدول التي حاكمت المفكر الراحل روجيه جاردوي عندما ناقش قضية المحرقة وعاقبت الفكاهي الساخر ديودينه ورسام الكاريكاتير "ساين" عندما تعرضوا لإشارات يفهم منها ما يسمى "معاداة السامية"، وهي ذات الدول التي تسجن المؤرخ أرفينج لأنه تجرأ وناقش "الهولوكوست".الغرب يتحول إلى "جلادييتر" أو "المصارع السفاح في مواجهة العدو العالمي الجديد "الإرهاب الإسلامي"، وهو في حالة هستيريا ومواجهة شاملة مع "يأجوج ومأجوج" الذين يمثلهم المسلمون، وهو تعبير استخدمه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن، وهو يحشد القوى من أجل خوض حرب عالمية ساخنة ضد "الإرهاب الإسلامي" في أفغانستان وباكستان والعراق وسوريا وفلسطين واليمن ومصر وليبيا والجزائر والصومال ومالي، وتعمل آلته الإعلامية على بث الرعب من "العدو الإسلامي المرعب" وهي إستراتيجية تعبئة عامة تضمن تمويل الآلة العسكرية والصناعات الحربية وترويع المجتمع بهدف التحول إلى "دول أمنية" تحكمها قوانين "مكافحة الإرهاب" والحد من الحريات، كما في القانون الأمريكي "باتريوت اكت" والقوانين البريطانية التي تقتحم حياة الأفراد في الواقع وفي الفضاء الافتراضي."الحرب على الإرهاب" صناعة مربحة بكل المقاييس والمعايير، حتى وإن استخدمت وسائل مختلفة ومغايرة للأساليب التي استخدمتها الدول الغربية في منتصف القرن الماضي وهي حرب لا تزال مستمرة بضراوة منقطعة النظير.