11 سبتمبر 2025
تسجيلأي عملية سياسية تنطوي على تعقيدات كثيفة تتطلب دراسات وخبراء يكتشفون أفضل الطرق وأكثرها أمانا في الوصول إلى نتائج إيجابية وصحيحة إلى أقصى حد ممكن، وذلك لأن المتغيرات التي تتحرك بصورة هلامية في الواقع الميداني على كافة الصعد الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والأمنية تفرض إنتاج ظروف غير متوقعة وطارئة، وبالتالي لابد من متابعة ذكية وحكيمة للمجريات وإلا انحرف المسار السياسي، في وقت لا يمكن إغفال جانب مهم وهو أن يكون السياسي والعملية السياسية تحت ضغط أخلاقي يبرر بصورة منطقية للآخرين عواقب الأداء والنتائج لأن الرأي العام يحتاج إلى حد أدنى من المصداقية وهي أمر يتناقض مع الممارسة السياسية.بهذا التعقيد أجد أن دولة قطر وقيادتها نجحت في أن تتعاطى مع كثير من الملفات الشائكة بصورة احترافية رغم الضغط الذي تتعرض له في ذلك التعاطي، ولكي تنجح دولة في ممارسة سياسية لابد أن تضع في اعتبارها تفاعل العملية السياسية لدى الرأي العام، إقليميا ودوليا، وخلال ثورات ما يعرف بالربيع العربي كان الدور القطري حاضرا بكثافة من منطلقات أخوية وإنسانية وفرت لها غطاء أخلاقيا يسمح لها بالتحرك الذي يمكن قبوله لأي أطراف متنازعة عقب تلك الثورات، باستثناء الحالة المصرية في ارتدادها على الثورة الأم.ليست لقطر مصلحة في إثارة خلافات ولا هي تطلب دورا على حساب آخرين كما يصور الإعلام المصري ويتمادى في الشتم والنبذ واختلاق أفكار ووقائع غير حقيقية وليست ذات جدوى على الصعيد الأخلاقي، وكان نتائج ذلك أن تحول الاختلاف إلى خلاف، وهي عادة الإعلام المصري عقب المتغيرات التالية لعزل الرئيس مرسي، والذي لم يسيء لقطر وقيادتها وإنما لبلاده وقدمها مهترئة ومتعالية يمكن تبرير كل سوء فيها حتى قتل الإنسان المصري، دون أن يسمح بأي هامش لتفاعل الرأي والرأي الآخر، مما عزز الإقصاء واستعلاء طرف على آخر، وذلك لا يستقيم معه الميزان السياسي.وفي الواقع ومن خلال النظر في مجريات الأحداث، يمكن التقرير بأن قطر تجاوزت شتائم وسلوكيات إعلام مصر الذي أصبح نهبا لكل عابث وغير أخلاقي، وبقي على ذلك الإعلام وإعلامييه النظر بذكاء للواقع، فكثير من المياه جرت أسفل الجسر وبقي هؤلاء كالماء الأسن والشاذين على الممارسة الإعلامية، فحينما تكون الدولة كبيرة لابد أن تكون نخبتها كبيرة ومترفعة عن سفاسف الأمور وإلا أصغروها ووضعوها وتواضعوا بقيمتها.