17 سبتمبر 2025
تسجيلعجبت لأمرنا والله.. نظل نمدح الحكومات العربية طوال فترة الرئاسة ونتكتم عن بلاويها وحين يسقط الرئيس تسقط أوراق التوت وتظهر العورات التى كانت تتخفى بخجل ونهتف بالحرية وكأن ما حصل لم يكن بالإمكان أن يحدث فيما لو هاجت رياح الشعوب الغاضبة كما حدث بالجمهورية التونسية التى انتفض شعبها وقال كلمته الفاصلة فى حق زين العابدين بن على الذى فر من قصره تاركاً وراءه سمعة سيئة وآثاراً سوداء لا يمكن أن تمحيها الذاكرة التونسية المتخمة بالظلم والقهر والغضب وتاريخاً لا يمكن أن يشفع له فيما لو طلب الأمان وعاد يوماً من الأيام إلى وطنه الذى حكمه عقوداً طويلة من الزمن منع فيها أن يصدح صوت الآذان عالياً ينادى المصلين إلى رحاب المساجد وجعل الدخول إليها بالبطاقات الممغنطة التى تثبت أن أصحابها ليسوا من أصحاب التدين والجماعات!!.. ذهب بن على وتنصب الغنوشى الذى يعد من بقايا الحكومة الظالمة على رأس الهرم الرئاسى متنصلاً من كل الجرائم والبلاوى التى ارتكبها عهد زين العابدين بن على ومتناسياً إنه هو نفسه كان ذيلاً تابعاً من أذيال بن على فى الفترة الأخيرة من حكم الأخير لتونس الخضراء.. ولعل هذا هو ما يجب الوقوف عنده وتوجيه أحرار تونس إليه وهو ان ما كان من صنع الرئيس فيجب أن يرحل معه وأن تقام انتخابات مبكرة طارئة نزيهة تنصب حكومة عادلة وحيادية تعترف بالإسلام ديناً فى معاملاتها وكيانها وليس على الورق كما فعل (شين العابدين بن علي) الذى كان يدخل ضمن تسميتنا بالدول العربية المسلمة بينما فى الحقيقة كان معادياً لكل ما هو عربى ومسلم وهو ما أوصله لأن يهرب مثل الفأر المذعور إلى ضيافة آل سعود الذين تعودوا على إيواء اللاجئين من الرؤساء الذين تسقط أوراق التوت عن عوراتهم ولم يجدوا ساتراً غير كرم الحكومة السعودية وغيرها من الحكومات الخليجية بالذات.. ولا أخفيكم فقد بحثت بين أصدقائى التونسيين الذين تربطنى بهم علاقات عمل عن الممارسات التى سبقت الانفجار الشعبى الكبير الذى ابتدر به التونسيون السنة الجديدة 2011 وهالنى ما سمعت من صنوف قمع وتعذيب من حكومة (شين العابدين) حيث حدثنى أحدهم عن تعرض شاب يدعى (ولد عزيزي) حاصل على درجة الماجستير ولم يلق عملاً يسد رمقه ورمق أهله سوى فى بيع الخضراوات على عربة متهالكة يقف بها على الرصيف وقد داهمته قوات من الحكومة وحطمت العربة واتلفت بضاعته فلم يجد مفراً سوى بحرق نفسه أمام القوات التى ظلت تتفرج على المنظر المأساوى الذى أودى بهذا الشاب للمكوث فى المستشفى ليلة واحدة قبل أن يتوفاه الله وبعد أن تفضل (شين العابدين) بزيارته تسبقه الكاميرات والإعلام الكاذب بأن الأمور ستصبح على ما يرام لهذا المواطن وكأن المفروض هو أن يحرق المواطنون أنفسهم أو يلقوا بارواحهم من على عمارة شاهقة ويأتى الرئيس حفظه الله عند أجسادهم المتفتتة ليعد بما يمكن للإعلام المنافق أن يزينه بالمكارم النفيسة التى أسبغها عليهم بن على حينها!.. فلماذا لم نتعلم من درس صدام شيئاً؟!.. لماذا لم نرَ فى سقوط تماثيل صدام على شوارع بغداد وتفتتها ورميها بالنعل والأحذية عروضاً حية يمكن الاستفادة منها وإشباع الشعوب بالغذاء والمال وستر الحال؟!.. لماذا رأينا من حكومة صدام مثالاً للعراقيين فقط وإن ما جرى لم يكن بالإمكان أن يحدث فى أى دولة خصوصاً الدول العربية التى يقف حكامها على قنابل موقوتة تمثل الشعوب التى بزمجرة واحدة يمكن أن تشعل الفتيل الحارق وتسقط من الهرم من كان لا يفكر بالقاع؟!!.. للأسف إن الدروس العملية تقدم لحكوماتنا بالمجان وهذا هو الدرس الثانى الفعلى الذى يسقط رئيسا من على صهوة المجد وهو الذى ظن إنه مخلد فيه.. عجبى والله كيف يتسارع المسئولون الغربيون لتقديم استقالاتهم فى حال تبرم الشعب من حكومتهم أو يعدوا بالإصلاح ويوفون بينما نحن نزور بانتخاباتنا الرئاسية ونعلن إن 99،9 % صوتوا لصالحنا و1% كانوا أطفالاً رضعاً أو أجنة فى بطون أمهاتهم لا تؤخذ أصواتهم ونعد بالإصلاح لكنه الوعد المبطن بإصلاح مصالحنا ومصالح من ينتسبون لنا وننتسب لهم ولا شئ غيره.. هذا هو الفرق بيننا وبينهم لديهم صلاح ولدينا اعوجاج.. لديهم إيثار ولدينا أنانية.. لديهم تجديد ولدينا ترميم.. فرق لا يمت لنا بصلة.. عافانا الله فاصلة أخيرة: خلقنا الله بأعظم دين وأفضل لغة وجعلت الفخر لغيرنا.. هه!!